كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

السبت، 25 ديسمبر 2010

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟

أحياناً يطوف هذا السؤال في رأسي وأنا أستمع الي رائعة ألف ليلة وليلة التي تحفز داخلي العودة الي ذكريات الطفولة وخصوصاً أيام وليالي شهر رمضان الكريم كما هو الحال عند الجميع من الصغار والكبار ممن ارتبطت ذاكرتهم  ببعض المفردات الثابتة من عام الي عام ومنها ليالي السحر والغموض والصوت الدافيء للراوية الحسناء شهرذاد التي إتخذت مقعدها الي الأبد في قلب الملك شهريار
 شهريار هذا الملك المتعطش دوماً للثأر من كل نساء الارض والذي إعتاد أن يغسل وجهه كل صباح بدماء نسائه , إنتقاماً لخيانة حبيبتة له , لم يكن شهريار رجلاً شهوانياً للحب قدرما كان رجلاً شهوانياً لدماء النساء , والاساطير القديمة قد تبالغ في عدد ضحايا هذا الملك المخدوع الذي اصابته عقدة الخيانة بعقدة أخري أكثر تأثيراً عليه , هاجس الحبيبة التي يبحث عنها بين الزوجات الاتي عبرن علي سريرة الفضي , فكل منهن يفوح منها عطر الخيانة الذي إستنشقه من قبل في ثياب معشوقته الأولي
ظل شهريار في كل العصور يبحث بين النساء عن ملامح تلك الحبيبة الهلامية التي تتطابق صورتها مع الصورة التي طبعتها أمنياته عن فتاة الأحلام كاملة الأوصاف والصفات , فكل شهريار ينتظر حسنة الأخلاق متوقدة الذكاء متوهجة المشاعر الخ من فتيات الكمال ذوات الاجنحة بيض الأجساد , اما نساء فراشه الحمقاوات لم يكتشفن نوايا شهريار المخادع في اختبار حماقة انوثتهن التي عادة ما تقودها مشاعرهن الي الهاوية
شهريار هو شهريار بطل لكل حكايات الحب في كل زمان ومكان , فارس لا يقاوم اغرائه , حتي لو تحولت القصة في النهاية الي مأساة , فهو دائماً يصنع روايات نسائه خلف الستار, وتظل صورته موضع ثقة عند الجميع , فمن يكتب التاريخ هم الرجال , ومن يصنع التاريخ هن النساء .

انتهت اسطورة الملك سفاح الأنوثة بين يدي تلك الاميرة الاسطورية التي تجاوزت الواقع بفطنتها وذكائها , أفقدت شهريار قدرته علي المقاومة وهدمت طاقته العدوانية في الثأر من النساء وأوقعته في حبها , 

هل كانت شهرذاد إمرأه فائقة الذكاء من بين كل النساء الاتي عرفهن هذا الشهريار , ام أنها امراة عادية قاومت الموت بفطرتها دون وعي حاولت الابقاء علي حياتها وطوقت شهريار بسلسلة رواياتها الامنتهية , ربما مصيرها كان محتوم مثل الاخريات لو لم تجيد فن الحكايات , أم أن هذا هو الحب , الذي لم يدركه من قبل شهريار
وكيف له أن يعرف ما هو الحب , دائما تفتنه نواقص الاشياء وظاهرها , يبحث عن الكمال في البشر ولا يكترث البحث عنه في ذاته , شهريار كل العصور هو الرجل الاناني الشغوف بملاحقة أحلامه ومصادقة جثث النساء بحثاً عن ملاكه المفقود

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟ ربما لأنها أعطته الفرصة ليكتشف قلبه و يستعيد انسانيتة ويتخلص من طمعه وانانيته ومعاناته في ان يحيا رجلاً أُحادي الولاء


 

الخميس، 23 ديسمبر 2010

خطاب


يمضي العشاق متلهفين في كل لحظة يدق فيها جرس الباب وهم في انتظار هذا الرجل الذي يحمل بين يديه أشواق مسافرة , ومشاعر سرية ممنوعة الاعتراف .
ولكن كيف تكون مشاعرنا الفضولية عندما نستقبل خطابات من أشخاص لم نراهم أبداً , لكننا نعرف بعضنا البعض علي الورق
صدقاً لا أدري حتي هذه اللحظة من هو , كان يرسل الي كل يوم ذلك الخطاب المليء بعبارات متنوعة الاعجاب يفوح من بين سطورها دخان ذلك القلب المحترق , تتخللها علامات التعجب و تملئني علامات إستفهام
لم يكن الغزل هو صميم القصة , ولا الاعجاب هو الدافع لمراسلتي , ولا ادري لماذا يتبني من لا أعرفه محاورتي عن بعد وامتصاص همومي , ولا اهتم ان كنت سأبصر ذات يوم وجهه الحقيقي دون قناع او سيبقي للابد حبيس هذا الخطاب الذي أصبحت أنتظر وصوله مثل ارتشافي لفنجان قهوتي كل صباح
بدأت الأسطورة , ودعوني أسميها أسطورة , بدأت بوصول أول خطاب يُعرفني فيه علي نفسي , ظننتها في البداية لعبة هراء من اصدقائي المملين , تجاوزت الامر ومزقت الرسالة الاولي
لكن رسالته الثانية لم تتأخر , ولم تخلو من العتاب واللؤم علي استهزائي بمكتوبه السابق , كيف عرف ما فعلته برسالته , لا ادري , بلغني انه غفر لي هذا الذنب الكبير في حقه بعد ان وبخني بلهجة انفعالية , وانتقل الي سطر جديد تتصدره مشاعر رقيقة مستجدية قسوة مشاعري التي أصبحت أتظاهر بها مع من حولي ولم يسترسل لكنه طلب مني مباشرة أن أعود إلي قلبي
حاولت عبثاً ان أنفي ما ذكر وأزلزل هذه الثقة التي لا اعرف مصدرها , وبدأت بإرسال رد علي رسائله ابعثر به أفكارة بعيداً عن أي مصدر للحقيقة , لكني كلما نكرت تضاعفت فنونه الشاعرية التي تدهشني وتفتنني و تمتصني دون أن تقترب مني ودون ان تعطيني فرصة للاختيار , وسراً كنت سأختار أن أمضي سائرة علي قدماي حتي أصل الي هذا العنوان الافتراضي المرسوم علي ظهر الخطاب
فكرت للحظة ,حتماَ بحث عن فيلمي المفضل وحاول ان يعيد صياغته معي ليجذب انتباهي كيف عرف فيلمي المحببب ونجمي الاقرب , وهل سيجيد الدور كما برع فيه كينو ريفز مع ساندرا بولوك في منزل علي البحيرة , ظننت للحظة ان القصة الاسطورية هذه من نسج خيالي أو من فرط عشقي لهذا الفيلم , لكن الخطاب لم يكن من روافد الخيال السينمائي , فهو حقيقة لا تقبل اي شك

قال لي في إحدي خطاباته: أنتٍ تبدين كبطلة خرجت تواً من كتب الروايات الكلاسيكية و المسرحيات اليونانية , فلماذا تتعجبين من فارس يحاول ان يكتب معك رواية غريبة الشكل , دعينا نكسر كل القواعد الفنية , ونكتب نحن قصتنا الاسطورية

الأحد، 19 ديسمبر 2010

eat , pray , love



كثيرا ما يظل هذا السؤال يجول في بالي عند مشاهدة الأفلام السينمائية , والقليل منها قد يجيب عليه وربما النادر من هذه الافلام التي أصبحت مشاهدتها عندي تحكمها العادة لا الاشتياق , والاشتياق تحكمه العاطفة التي قد تميل الي هذا الفيلم او ذاك بحكم تراكم الاشياء وتفاعلها داخلي
ولكن العادة أبصرت في الي حد ما عين موضوعية تمكني من مشاهدة ماوراء الصورة , والموضوعية قد تؤجل عمل الاحساس للحظة , وقد تشل مشاعرنا ايضا للحظات , ولكن عندما نصدم بصورة لا تعطينا الفرصة لننحي عواطفنا جانباً ونبدأ بفرض الموضوعية او المنطق في تحليل هذه الزاوية او تلك , او هذا الحوار او هذا الاداء , هل كان صحيحا , هل كان مناسباً , هل هذا عمل جيد ام لا
أحب هذه الصور التي تجردني من موضوعيتي , وتعطيني قدراً كافياً من التحيز الانساني التلقائي في التوحد معها , عندها اكره هذه الموضوعية التي تغفل فينا انطباع المشاعر الذي هو دائما الاصدق , ولا أكتفي بهذا التحيز , ولكن أعود لأبحث عن إجابة لهذا السؤال الذي يغلفني عند متابعة أي فيلم يخمد بداخلي جمود وصلابة الموضوعية في تلقي الصورة بفعل العادة , ويزيد من وهج الاحساس عند إستقبال عيني لأول صورة علي الشاشة
هل نحن من نكتب الفيلم أم هو الذي يكتبنا , جدلية شرسة الجواب , لكنها دائما تغلفني عندما أقف عاجزة أمام هذه الشاشة التي مرات كثيرة تتحول إلي مرأة , عندها أفقد إتزاني قليلاً وأترك عقلي خلفي , ولا أظن أنه من الصواب أن يستقبل العقل الاحساس , وقد يتشابه سحر الصورة مع سحر الحب
فالاثنان نركض خلفهم , دون عقل , والاثنان في النهاية أكذوبة لكنها مغلفة بطبقة سكرية , لا نشعر بمرارتها وصلابتها الا عندما نمضغها , وتكسر أسناننا , أو نبصرها في مرأة الشاشة التي تواجهنا صورها بخطايانا , لنكتشف أننا جميعا دون أن ندرك , شاركنا في كتابة هذا الفيلم
وأنتهي من مشاهدته لكنه لا يتركني , ويبقي معي السؤال حائر , حتي أشعر بعجز المشاعر التي تحيزت لها سابقاً  , وأعود الي الموضوعية العقلية التي رفضتها في البداية , واعاود تحليل الفيلم باستخدام , المنطقية والعقلية والخبرات ووووو......... الخ , وانسي هذا السؤال ليولد من جديد صغير أخر , هل أؤؤمن بما إنتهيت إليه بالموضوعية التي عادة لا تتسم بالصدق بعكس الاحساس الذي يصعب تزييفه , علي الاقل بين الانسان وصداه
نكتب بمشاعرنا ام بخبراتنا ام بتراكم المشاهدة بداخلنا او بما تعلمناه من نظريات علمية ومناهج منظمة ومنمقة.
أحيانا أشاهد أفلاماً أرفض أن أكتبها , لأنها سبقتني الي ذلك وكتبتني صورها , ألم تعد هذه خيانة للموضوعية ؟ أم أنها خيانة مهنية ؟  

نأكل : كي نتذوق طعم الحياة , التي حولتنا في الصباح الي كومة من الصقيع , وفي الليل الي شجرة متيبسة انتهت أوراقها في حضن التراب
نصلي : الايمان وحده من يهبنا قدرة الانفصال عن ضعفنا
نحب :يعاود الانسان إكتشاف نفسه, في بداية جديدة لتحدي جديد يقف الانسان في مواجة الحياة مرة اخري بعدما يكون قد تطهر بالأكل والصلاة من بقايا حبه الماضي


الاثنين، 6 ديسمبر 2010

نهاية تليق بكاتب


قال : اخشي ان أدمنكٍ فأنا عبد لقلمي
قلت : نظراتي تعلقت بإصبعك , سخر قلمك ليفك هذا الاشتباك , أكتب لنا نهاية تليق بنا

لم أكن أعرفه حق المعرفة, رغم انه إعتاد ان يفرغ حقائبه علي الورق , لكني لا أعرف قراءة الورق , لا اعرف مراوغة المشاعر , لا أعرف دهاء الأحرف الملونة , لا اعرف تركيبة هذا العطر السري الذي يوغز به احساسي كلما نظرت في عينيه
كل ما أعرفه لا يكفي أن أعرفه , وهل حقا عرفته ذات يوم أم أنه كان مجرد إنعكاس لأحلامي وتخيلاتي ورسمي علي الورق , ام اني صماء المشاعر لا اجيد الرسم ام هو المحتال تعدي علي اشيائي , ودخل من باب الصفحة التي تطل علي حكاياتي
بدأ يتجول فيها كما يحلو له , يرتب مشاعري , يسيطر علي انفعالاتي , يدمر غضبي , يعصرني قلقاَ , يقتلني شوقاَ , امسك بيدي قلمي وبدا يرسم هو تعرجات الوقت الذي يمضي ويمضي ويمضي ,دون ان اراه وهو مختفي خلفي يملي علي الأوامر دون الحق في معارضته او التمرد علي إجتياحه اللامبالي برغباتي
لم اتخيله من قبل في رداء المشعوذ او السجان ولا اظنه هكذا , فهو مثلي طائر لا يعرف لنفسه عنوان ,يخدعني بشرقيتة المزيفة , يعلم كم أهوي الشرقي , لكني لا احب الصقور التي تطارد كل ليلة فريسة , تحطمها وتترك أشلائها تبعثرها الرياح في الاركان
 طلبت منه ان يسخر عظمة من جسد هذا القلم , الذي أصبح تقديسه الاوحد, في حضرته لا مكان الا لرغباته , مبادئه , والغاية تبرر الوسيلة , لا انسانيه  في دنيا الورق , أمتص الحبر الاسود اخر قطرة في مشاعره ,
طلبت منه تسخير هذه القدسية بكتابة نهاية لإحدي حمقاواته التي دائما ترفض تقبل النهايات الجاهزة , النهايات التقليدية , النهايات المضحكة ولا أظن أنها ترفض النهايات المبكية , فما أسعدها بهذا المطر النقي التي أحيانا تسعي لاستجدائه لتعيد تجديد انسانيتها
اريده فقط أن يكتب لنا نهاية تليق بكاتب مخادع وقارئه حمقاء 

الجمعة، 26 نوفمبر 2010

بين فعلين مضارعين

كيف يكون الانسان عندما يتجرد من كل أفعال اللغة مقابل ان ترقد كل أفعال مستقبله وحاضره مستكينة بين فعلين مضارعين مقتطعين من سنوات حياته التي مازالت ايامها تنتظر بشغف إحتراق تلك المضارعين وتحولهما الي رماد الماضي او الي فراغ المستحيل او الي خيال المعجزة
أقبلت هي في لحظة عابرة تعاتب نفسها , لماذا أتهرب من مواصلة الكتابة وكأني أتهرب من شرب الحليب , او من مرافقة صديق ممل , لماذا أتهرب من مواجهة تلك اللعنة التي لا شفاء منها الا ....
هل الكتابة هي اللعنة التي أتهرب منها ام ما يدفعني للكتابة هي مصيبتي التي لا مفر منها سواء نجحت من مراوغة القلم او فشلت في اخماد جموحه لتزيين هذه السطور السوداء , وهل حقا يزينها ام يزيدها ضجراً فوق سوادها الأعمي , ويزيدني أنا سقماً وسخطأً علي نفسي أكثر وأكثر , علي بلاهتي وضعفي
بأي مشاعر كان يتحرك بين يدي , وانا أمقته بهذا العنف الذي أوشك علي إغتياله أكثر من مره لولا عناية السطور التي تتلقي سريعا ضرباتي وتستقبل رأس هذا القلم المسكين  وترسم أشياء لم أرضي عنها وربما لا أقصدها , لكنها في النهاية ترسم رغم أنفي فوق تلك السطور
للحظات أعود من غيبوبتي هل جننت , أحمل هذه السطور حملاً أكبر من عاتقها ربما لم أحتمله وقررت إفراغ حمولته فوق تلك الورقة البيضاء المسكينة , التي أزعجت نقائها بسواد قلمي وغضب مشاعري , لكنها رفيقتي التي ستتحملني مهما أثقلت غضبي علي صفحاتها
فهي لم تجردني يوماً من مصادقتها ولم تتذمر لسواد قلمي وفوضي مشاعري التي إختزلت كل أفعال اللغة في فعلين مضارعين تستيقظ بهم صباحا وتموت فيهم ليلاً .
عذراً فقد يزيد فعل او ينقص , قد يتبدل فعل بمرور الوقت ويتخذ مكانة فعل أخر لكن هناك أفعال سوداء لا يمكن ان تمحي , ولا تستبدل , أفعال فاجرة تدمر وتحرق وتسرق وتقتل
دائما نحيا بين فعلين , وكل منا يختار الزمن الذي سينتمي له هذان الفعلين , إما ماضي يموت به  أو مضارع يحترق من أجله أو مستقبل يسحق ذاكرته ومضارعه
دائما نعيش بين فعلين وقد نكون كاذبين في معايشة إحداهم , نبكي ثم نضحك علي أنفسنا , نصمت عندما يجب أن نتحدث , ونتحدث عند الصمت , نعشق عند الفراق ونفتخر بقسوتنا في لحظات العشق
قد يكون للأنسان أكثر من معني , أكثر من لغة , أكثر من عبارة , أكثر من فعل , يعيش بينهم , يتمزق بينهم , ينكسر بينهم , وأحيانا يختار من بينهم الفعل الذي سيدير ظهره له
لا أشعر بالحاجة لمتابعة الكتابة فقد إنتهيت من تحديد الفعلين اللذان أعيش بينهم ,  

أحبه  , يحبها

السبت، 20 نوفمبر 2010

جدال


دائما انا وكلماته علي خلاف دائم , كلما حاولت ان اقرب المسافات بيني وبينها انهالت علي بقسوتها التي تقسم لنا الطريق نصفين
اذاً مازلنا منقسمين الي نصفين , الي طريقين , الي شخصين , في هذه الحالة يمكن ان نسمح للاختلاف ان يسود حديثنا
وحدها كلماته تفتح لي مجالا للحوار بينها وبين افكاري , وان لم اكن دائما علي موعد مع مصادقتها لكني ايضا لست ضدها
وحدها تثير في الحنين الي الكتابة , تستفزني كي أجادلها فيما نختلف , وكأن رغبتي في الكتابة لا تشتعل دون أن تثيرها شهوة الجدال
أتأمل مجموعة من الصور دفنها تحت وسادته , طبعها حديث عينيه للنساء الجميلات والحمقاوات , وان كانت جميعها احاديث جامدة , لا تثير شهوة الاعجاب , زرعها علي رأس هذا الدفتر مضطرب السطور , كما هي مشاعره , صفحات هذا الدفتر تتحدي بعضها البعض وجها لوجه , هذه الصفحة شقراء , اما تلك فعلي وجهها تسكن ابتسامه مزيفة , والصفحة التالية والتالية , جميعها أوراق صماء متحجرة ينبعث من بين أسطرها رائحة متعفنة , قد تكون بفعل تحلل الذكريات التي سجنت فيها لسنوات
تاريخ مضي لهذا العمر وملامح مازالت تمضي لهذا الوجه المقابل لكل تدوينة كتبها صاحب الدفتر أسفل كل صورة كي يحفظ بها ذاكرة عنفوان مغامراته مع السيدات ,
سيدتي , كان دائما يناديني سيدتي , وهي من ارقي تعابير اللغة وصفاً لوقار النساء , وجمالهن وفطنتهن , وربما ذكائهن , أما بمنطق صاحب الدفتر , تجردت " سيدتي " من رداء الوقار واكتست برداء شهريار
سيدتي تخليت عنها مثلما تخلت هي عن دلالاتها ودلالها , استبدلتها برداء أخر أكثر سمو , صديقتي ,  أهدتني ردائها وقد علمتني شيء من مكرها شيئاً من خرافاتها , علمتني كيف أنثر الاوراق وأفسرها  , علمتني كيف أغازل الاقدار ,علمتني كيف أناجي اعوان خيالي وأسخرهم لطاعتي , علمتني كيف أجبر الماضي ان يستعيد عظامه , علمتني كيف اقراء ما لم يكتبه القدر , علمتني كيف أكشف أوراق الزمن ,علمتني كيف أغش نجاح البسمة
وضعت الصور التي بيدي واحدة بجوار الاخري , عمر بجوار عمر , قصة بجوار قصة , الم بجوار الم , ثم استحضرت شيطان احساسي كي يدلني علي الصورة الذهبية فيما بينهم
ايهما كانت الأهم , أيهما كانت الأعظم في القلب , أيهما لم تجرد من ذكرياتها بعد , أيهما هي سيدة الصور .
التقطت اصابعي بعشوائية المشاعر احداهن , لست علي يقين هل أصبت , هل تلك هي السيدة صاحبة البرواز الذهبي وسط تعفن الذاكرة ,  ام انها مجرد لعبة طائشة وما ابحث عنه مازال تائه وسط  هؤلاء الشقراوات , بيض العيون , محتالي اللسان , فهو دائما يعيش بين إمرأتين , بطل لحكايتين , راوي لقصتين
وضعت الصورة بجوار عنوان وصفها الذي بدأت أجادله , " حبيبتي سابقاً"
سألتها  كيف لك ان تكوني سابقة وانتي مازلتي سجينة في هذا الدفتر ؟!
أجابت : وما ادراكي اني سجينة ؟
قلت : اذا كيف انتي هنا ؟
أجابت : انا سيدة الذاكرة , وانت !
قلت : دعك مني , فأنا لست من حراس هذا الدفتر !
قالت : ولن تكوني فيه مثلي ذكري متعفنة !
قلت : اذا انتي سيدة الصور ؟
قالت : بل انا سيدة الذاكرة !
قلت: وما الفرق !
قالت : الذاكرة عادة ما تحتال علي الصور فتمحيها تدمر واقعها , وتبقي هي متفردة , مشوشة دون ملامح , ثم  تبدلها, ترسمها , تخلقها  كيفما تشاء , تدرجها حسب شهواتها , حسب خيالاتها , حسب رغباتها , حسب صدقها
قلت : نعم , الذكري تاج المشاعر  , وقد تكون قبره ايضاً , إذاً في ماذا نختلف ؟

الجمعة، 5 نوفمبر 2010

متشابهات

جميعنا النساء في الحب متشابهات , في الحزن متشابهات , في العنف متشابهات , في الاندفاع والغيرة والجنون والغباء متشابهات , في ارتداء المشاعر جميعنا متشابهات
واذا ما أختلط علي ابن أدم انه يبحث عن امرأه مختلفة إمرأة إستثنائية إمرأه خرافية , يدعوها إمرأة حياته , فجميعهن متشابهات
حتي اننا نعبر لنفس الالم معا نتوحد معه ويتهيأ لنا ان صراخنا يصدي في اركان العالم وهو في الواقع صدي لأخريات كثيرات متشابهات معن في نفس الالم , ونظل نقترب منهن حتي تصم أذاننا وننسي حزننا ونرتديهم انثي فوق اخري , طبقة فوق طبقة ,
هذه انثي صماء , هذه انثي بكماء , هذه انثي عمياء , وهذه الاخري مقهورة , والتالية محتالة , وهذه مخدوعة , اما تلك اللصة تخطف القلوب دون رجعه , اما هذه فمحاربة من الطراز الاول , وتلك الصبورة وتلك الباكية وتلك الشاكية وتلك المكابرة الخ
فكلهن في الاخير متشابهات , إستطاعت إحداهن إحتوائهن وسكب مشاعرهن علي الورق , وإقتطعت في النهاية وريقات صغيره نثرتها في الهواء عليهن , تزاحمن من الاسرع في التقاط مشاعرها , سقطوا واحدة تلي الاخري وبيد كل منهن جزء من شظايا احساس
فضحته بالحبر الاسود تلك السيدة التي ايضا تشبههن , فأصبحن أمام بعضهن عاريات الحقيقة , دون اذلال ولا اسرار ولا خوف , فمن يبحث في احداهن عن رفيقته الغائبة بين السطور عليه اولا ان يجد جزء الوريقة الذي يخصها
متشابهات نحن النساء حتي في التعبير عن مشاعرنا ,, أذهلتني هذه القصاصات من تدوينة الكاتبة أحلام مستغنامي , فهي ليست إمرأه لكنها مجموعة من النساء , أنا واحدة منهن بعثرتني علي سطورها المتعرجة دائما بقامة خنجرها الازرق اللون وسط الصفحات فوجدت نفسي بين هذه السطور دون استأذان
*************

أحلام مستغنامي .. فوضي الحواس
دوما
بين الرغبات الأبدية الجارفة ..والأقدار المعاكسة.. كان قدري.
وكان الحب يأتي ، متسللاً إلي، من باب نصف مفتوح، وقلب نصف مغلق.
أكنت أنتظره دون اهتمام، تاركة له الباب موارباً. متسلية بإغلاقه نوافذ المنطق؟
قبل الحب بقليل، في منتهى الالتباس، تجيء أعراض حب أعرفها. وأنا الساكنة في قلب متصدع الجدران، لم يصبني يوماً، هلع من ولعٍ مقبل كإعصار.
كنت أستسلم لتلك الأعاصير التي تغير أسماءها كلّ مرة، وتأتي لتقلب كلّ شيء داخلي.. وتمضي بذلك القدر الجميل من الدمار

دوماً..
كنت أحبهم .أولئك العشاق الذين يزجون بأنفسهم في ممرات الحب الضيقة، فيتعثرون حيث حّلوا، بقصة حب وضعتها الحياة في طريقهم، بعد أن يكونوا قد حشروا أنفسهم بين الممكن والمستحيل.
أولئك الذين يعيشون داخل زوبعة الحب التي لا تهدأ، مأخوذين بعواصف الشغف، مذهولين أمام الحرائق التي مقابل أن تضيء أياما في حياتهم، تلتهم كل شيء حولهم، جاهزين تماما.. لتلك الّلحظات المضيئة خلسة، والتي ستخلف داخلهم عندما تنطفئ رماد انطفائهم الحتمي.
أحبهم.. وربما كنت أشبههم

منذ البدء، أخذت بجمالية تلك العلاقة الغريبة والمستحيلة، وبذلك الحب الافتراضي الذي قد يجمع بين رجل من حبر وامرأة من ورق، يلتقيان في تلك المنطقة المتلبسة بين الكتابة والحياة، ليكتبا معا ,كتابا خارجا من الحياة وعليها في آن واحد.
أبحث في عينيه عن شيء ما، عن ذكرى.. عن شوق مؤجل، عن بقايا حزن سري، عن حب مات في هذا المكان.

أنا المرأة الجبانة التي لم تبادر يوما رجلا بالكلام، كيف لي أنا أشاغبه، أن أشعل تلك الانارات الصغية التي ستجعله يوقف الكتابة ويقول لي شيئا؟
كم تمنيت لحظتها أن ينطق! ولكنه كان يعبث بي بكلام لا يقال إلا صمتا.. ويدخلني في حالة من الارتباك الجميل.
إحساس ما، كان يقول لي إنني في زمن ما، أحببت رجلا يشبهه أو أنه يشبه تماما رجلا سأحبه يوما.

-أحب قصص التلاقي.. في كل لقاء بين رجل وامرأة.. معجزة ما؛ شيء يتجاوزهما، يأتي بهما، في الوقت والمكان نفسه، ليقعا تحت الصاعقة إياها. ولذا يظل العشاق حتى بعد افتراقهما..
وقطيعتهما، مأخوذين بجمالية لقائهما الأول. لأنها حالة انخطاف غير قابلة التكرار، ولأنها الشيء النقي الوحيد الذي ينجو مما يلحق الحب من دمار.

-أذكر يومها تبعثرنا ارتباكا في تلك القاعة. رحت تحادثين آخر، ورحت أحادث أخرى باهتمام مقصود. أخذ كل واحد منا مكانا في مجلس مختلف، تفاديا لمزيد من الأضواء والأخطاء. ولكننا لم نذهب أبعد من بعضنا بعضا. لقد كنا متقابلين حتى في تجاهلنا المتعمد أحدنا للآخر. لا أعتقد أن تكوني قد اشتهيتني في البدء، ولا أنا اشتهيتك. الحب هو الذي اشتهانا معاً، وحلم ببطلين يشبهاننا تماما ليمثلا دورا على هذا القدر من الغرابة.

علمني الحب
أن لا أصدقه فما استطعت. وعلمني أن أتعرف إليه قبل أن أحتفي به، فما استطعت مازلت أمام
قطار الحب، أرى في كل نازل قدومه، فأحمل عنه أمتعته، وأسأله عن رحلته ,وعن مهنته، وعن أسماء المدن التي مر بها، والنساء اللاتي مررن به، ثم أكتشف وهو يحادثني، أنه أخطأ بين قطارين وجهته.. فأذهب نحو حب آخر، وأتركه مذهولا من أمري جالسا على حقيبته!
كان يستمع إلي بشيء من الاهتمام، الذي قد يكون سببه احتمال أن يكون هو أيضا، في تلك اللحظة جالسا على حقيبته.. دون علمه.
قال : آخر راكب ينزل من هذا القطار .لقد كان الطريق إليك طويلا. بعدي توقفت كل الرحلات.
فلا تنتظري شيئا يا سيدتي.. لقد أعلنتك مدينة مغلقة!

قال : "لا تفرحي.. من الأفضل أن تحبي رجلاً في
حياته امرأة.. على أن تحبي رجلاً في حياته قضية. فقد تنجحين في امتلاك الأول، ولكن الثاني لن يكون لك.. لأنه لا يمتلك نفسه."!
ما زلت في الحياة أحب الرجال الذين في حياتهم قضية، وفي الروايات، أحب الأبطال الذين في حياتهم امرأة.
وكان أجدر بي.. لو فعلت العكس!

اليوم عاد..
هو الرجل الذي تنطبق عليه دوماً، مقولة أوسكار وايلد "خلق الإنسان اّللغة ليخفي بها
مشاعره". مازال كّلما تحدث تكسوه اللغة، ويعريه الصمت بين الجمل.

هوذا، لم يتغير. ما زال يتوق إلى الكلام الذي لا يقال بغير العينين. وهي لا تملك إ ّ لا أن تصمت

كي ينصتا معاً إلى صخب الصمت بين عاشقين سابقين.
بين نظرتين، يتابع الحب تهربه العابث. وذاكرة العشق ترتبك.
مع عاشق آخر، كان بإمكانها أن تخلق الآن ضجة وضحكاً.
أن تختلق الآن للصمت صوتاً، يغ ّ طي على صمتها .أن تخلق الآن إجابة لكل سؤال.
ولكن معه، هي تحتفظ بالأسئلة، أو تطرحها عليه دفعة واحدة، دون صوت، بل بذبذبات صمت وحده يعرفها

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

سر الورقة



كان الزحام شديد , وتلاحم الناس أشد , حاولت ان أفلت من بين هذه الغارة النسائية داخل إحدي عربات المترو التي اشرفت علي الانفجار بفعل أحاديث النساء المتقاطعة الصاخبة,
نجحت بالفعل في الحصول علي ركن هاديء وسط بعض الفتيات التي تتقارب أعمارهن من سن النضوج , مراهقات كبيرات , جميلات , حسناوات الخلق علي ما يبدو , لفتت إحداهن إنتباهي بإبتسامتها التي أبصرها دوماً في وجه الكثيرات عندما يخفق قلبهن لهذا القدر
بدات أتلمس بطرف عيني ملامح وجهها الطفولي وبدأ حدسي يرصد دوافع ابتسامة عيناها الملونتين بماء وردي, لم يجذبني منذ النظرة الاولي سوي ابتسامة عيناها التي حجبت عن مخيلتي تتبع مسار نظرتها التي تنتهي عند كف يدها , حيث تمكث ورقة صغيرة تنام في هدوء بين راحتيها
نسيت الابتسامة المزروعة علي هذا الوجه الطفولي , وانصرف اهتمامي بفضول جامح لإكتشاف سر هذه الورقة ملونة المعالم , والتي أخمن أن عبيرها هو الذي شدني اليها في البداية , أما ما سكب علي هذه الورقة الوردية , بالتأكيد كان ماء ذهب , ودموع , وذكريات , ومغامرات , تقاسم كاتبها مع تلك العينين الجميلتين , ساعاتها وأيامها , وسمائها , وأمانيها , الم واحلام ....
فبعث بها اليها كي يعاتبها , أو يترجي منها , أو يغازلها , أو .....الخ , لا يهم ما هي المشاعر التي تطويها هذه الورقة وردية اللون , وما الذي نسج لهذه الفتاة أجنحة كي تطير وسط كل هذا الزحام وهي في مكانها,
اغمضت عيني للحظة لا ادري من أين خلت لي هذه الفكرة الشيطانية التي افقدتني وعيي وأخرجت مني ضحكة عالية , ارتاب لها الحاضرون حتي وجدت الجميع يتطلع الي بغرابة وكأن الضحك البريء أصبح تهمة هذا العصر
حمدت الله ان سأهجر هذه النظرات الخبيثة في المحطة التالية , استدرت والفكرة الشيطانية تحوم في رأسي وتوجهت الي الباب بعدما القيت نظرة خاطفة أخيرة علي الرسالة الوردية وعلي الابتسامة العاشقة
ضرب افكاري من جديد هذا الجنون الذي اعتدت أن يتلبسني كلما توهجت عاطفتي المسكينة , لكن هذه المرة كان دافعها هو سر السعادة التي قرأتها علي وجه هذه الفتاة التي منحتها اياها تلك الورقة الصغيرة ,أعرف ان السر لا يكمن في تلك الوريقة الصماء لكن فيما بُعث منها من مشاعر الطرف الاخر 

لم أكن بحياتي قد كتبت مثل هذه الرسائل التي كنت أشهد صديقاتي يقرأنها ويكتبونها بألطف العبارات وأجمل الألوان علي أرق الاوراق عذوبة , كنت أعشق مراقبتهن عن قرب وربما اختلس نظرة سريعة علي الخطابات واقتنص سطر او جملة من هنا او هناك 
كان اكثر ما يجذبني في تلك الرسائل هي الالوان المبهجة التي يكون عليها شكل الرسالة , لأن معظم الحبيبات كن يكتبن بتلقائية وعفوية مشاعر المراهقة حتي تتحول الاحاديث الي مصطلحات متداوله او أسطر بسيطة الصياغة لكنها تعبر بكل حال عن مشاعر المراهقات في هذه المرحلة العمرية

تركت هذه الذكريات ترحل حيث كانت وبدأت أفكر جدياً بهذه الفكرة التي ضربتني , هل أستطع أن أخلق أنا هذا الخطاب , هل يمكن لـ متهورة مثلي ان تصيغ خطاب مثل هذه الخطابات وترسلة دون تنتظر الرد , ودون ان يعرف مستقبل الخطاب , من هو الراسل ؟
لمعت الفكرة في رأسي وبدأت فور وصولي البيت أن احول هذا التهور الي واقع , بحثت بين الاوراق المبعثرة هنا وهناك عن ورقة تصلح لهذه المهمة , تصلح أن تكون خطابي الأول في الحب , كانت جميع الوريقات بيضاء , تتراقص الاسطر بين أركانها , لكن ليس هذا ما ابحث عنه
اريد تلك الاوراق المرسومة علي الجانبين , متدرجة الالوان , ناعمة الملمس , عطرة النفس , مزروع علي جانبها من اعلي وردة او وردتان , متعرجة الاسطر ليبدو حديثي مثل أمواج البحر الشقية , اما اسفلها فكانت دائما ورقات صديقاتي تمتليء بالقلوب المتناثرة يمين ويسار
لم اجد ضالتي بين كل هذه الاوراق المبعثرة , وتعبت من البحث عن ورقة بين اوراقي تتمتع بهذه المواصفات وبهذا الشذي المميت , 

ولكني عندما أجدها أو هي تجدني سأكتب حتما هذا الخطاب , وسأرسله إليه , دون ان أنتظر الرد عليه

السبت، 16 أكتوبر 2010

هل يلتقي الحب والمجد ؟

هل يلتقي الحب والمجد ؟
ذلك هو السؤال التلقائي الذي يتبادر الي أذهاننا عندما نبصر نهاية الأشياء في حياة الانسان , عندما يفقد الانسان أيامه دون أن يشعر وهو رهن الحرمان إما من الحب او من المجد .
النهاية لا تعني بالضرورة أن يدرك جسدهم الموت ,  فالكثيرون تضرب أقدامهم الأرض لكنهم في الحقيقة هياكل فارغة من المشاعر , فالرحيل لم يعد فقط نهاية لكل الاشياء
نهايات الاشياء جميعها تجتمع معا عندما يفقد الانسان بصيريتة وعزيمتة , الحب والمجد قد يلتقيا وقد لا يلتقيا  معاً أبداً ,
إن إلتقيا , صاغوا بشراً ذات جناحين , يحطم الواقع ويجتاز حدود المستقبل ,

إذا إالتقيا الحب والمجد لخلقوا ذاتاً أقرب الي صفات الكمال , ذاتاً لم تذق طعم الألم ولا مرارة العذاب ولا لوعة الحرمان , ذاتاً لم تبصر الحزن ولا الفشل ,
ذاتاَ تختزل روحاَ مقاومة لقسوة الطبيعة الإنسانية , لرغبات الانسان المحرمة , لنزعة البشر العدوانية , هذه الروح الامحدودة الادراك والعزم سوف تصل يوماَ ما الي هذا المجد المقدر لها والتي سعت لبلوغة , يدفعها ايجابية الحب والتمرد علي الغرائز الشيطانية الطبيعية التي تحملها جينات الانسان ,
والتي يحل الحب محلها فيجسد الاحلام واقعاً صافياً .
ولكن ماذا لو لم يلتقيا هذا المجد وذاك الحب في بشر ؟ 
ماذا لو انفرط عقدهما وسيطرت نزعة المجد علي الروح وسحبت منها القدرة علي الاختيار بين العاطفة والرغبة ؟ بين رقي مشاعر الحب وشهوانية الوصول للمجد ؟
هل ما يتبقي بعدها , سيسمي إنتصاراً, يسمي حباً , يسمي نجاحاً , يسمي فخراً , يسمي إنساناً ....

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

جو مميت قاتل



أجلس والبحر بجانبي , هو ليس ببحر لكنه من صنع البشر للطبيعة
به جمال يتشابه فيه مع الواقع لكنه يظل في نظري استنساخ لما أبدعه الخالق
يهدر في سكون منساب الي حيث تتلاقي الافرع الحيري , ومنها تطل روافد جديدة تشق طريقها الي وجه جديد ترسمه بإندفاعها
علي ضفتيه تاريخ مضي , أكل الدهر عليه وشرب , لكنه مازال محتفظا بجماله ورونقه وبهائه
فالأرض هي التي تبقي والبشر هم الراحلون عنها
الجمال من صنع الله , والدمار من صنع البشر
بين ضفتي هذا النهر حياة وموت , ولكنها ليست كأي حياة وليس الموت كأي موت
لا يعني الجفاء موت علي طول الخط
فالاخضر يمكنه ايضا ان يقتل من شدة الضجر
حظي العاثر ألقاني في الجهه الخطأ , شجر , وزهور , وحرس , وسور , وسور , وألف سور
بينما جفاف الضفة الاخري يتلاعب من وراء السور بعيني
لا زرع , لا أرض , لا طير , صحراء جرداء ناعمة , لكنها دون أسوار , دون بشر
أحسد هذا الطير الذي يقف امامي يغيظني بفرد جناحه , يتمشي أمامي علي حافة الماء , وأنا مازلت أرمقه من خلف السور الحديدي
ليت روحه تتلبسني ولو لبضع ثواني , اهرب فيها من هذا القدر
أرفع عيني للسماء , لا أري وجه القمر
حتي أنت أيها الصديق المعاون لي في المحن , ذوبت في عتمة الليل دون أن ترسل لي الخبر
مازلت انتظر منك أي رد لما أبحث عنه , عله هو الاخر يمكث خلف أسوار القدر .
فمازلت أسيرة هذا الجو المميت القاتل , حتي لو وصفوه أنه جزء من الجنة , فهو في عيني سجن , أنتظر عفو ربي عني

الخميس، 7 أكتوبر 2010

أبكيك


صديقي , مازال يهمس في أذن الماضي , فرفقاً سيدي بكل ما هو أتي !
أضعت عمراً في غرام كان فراقه محتماً , ووهبت القادم لبكائه !

عجبت منك حقاً , فأنت بالغرام مقيد , وقلبك يبدو كالطير الباكي في محبسه 

أنا لا أكتب الشعر فيك لكنني , أختنق كلما أطلت علي إبتسامتك الكاذبة التي تجمل ما انهكته السنين والاحزان .!
صديقي ! ان كانت الاحزان أمر عليك محتماً , فأجعلنا نتشارك البكاء , كل علي أطلاله !
لم أنجح في إصطحابك الي الجانب الاخر من الدنيا , استسلمت مبكراَ امام إصرارك علي الرحيل !
وقفت ابكيك بعين مكسورة لم تدرك حزن مثل حزنك من قبل , ولا اخلاص رجل كالذي تكنه لأيام أذابتها الذاكرة !
يقولون : أن كثرة الحزن تميت القلب , فرفقا بقلب لم يعش بعد كل عطائات السنين

الأحد، 3 أكتوبر 2010

غربة

أطل الأن من هذه النافذة المتسعة التي تطل علي لا شيء سوي الصمت , الظلام , هدوء لا منتهي , غموض يمتد بطول أسوار وأسوار لم تستطع عيني مواصلة الركض حتي نهايتها والافلات منها , ولا عزاء للأسر , إن كان بسبب الهوي , أو الهوس , أو .....!
أغلقت النافذة وأحكمت إغلاق جميع الستائر حتي لا تتتسلل أشلاء الهواء الحارق المتكسر الي الحجرة الباردة , اجتهدت محاولة إعتصار ذاكرتي في إيجاد البديل لهذه الغمة ,
تقدمت نحو باب الغرفة , علي أجد الحل بالصحبة , ظلت يدي مترددة تعبث بمقبض الباب , تتقدم خطوة وتتراجع خطوة , سقط المفتاح علي الارض , التقطة دون وعي وخرجت من الغرفة ,
مرت من جانبي أطياف وجوه, هذه أعرفها وأخري لا أعرفها ,  وجميعا لم يعرفوني , انا لا أعرف نفسي !
استدرت قبل ان اجتاز الممر المؤدي الي الشارع , توقفت قدماي , طلبت مني سرعة القرار , سألتني , أعود أم أمضي ؟ ,

الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

أعرف رجلاً ,, بلا مشاعر


إنقطعت عن الكتابة منذ مدة , ولا أعرف لما , هل هجرني الاحساس وأصبحت مثل معظم المحطين بي " صماء " , كـ الاله التي تدور في فلك نظام معين لا تحيد عنه الا عندما تفقد صوابها او ينتحر احد اعضائها
حاولت ان استحضر بعض المشاعر التي تدفعني الي معاودة الكتابة حتي وان كان ما سيصدر عنها كلام فارغ , لكني فشلت في استدعاء هذا الاحساس الذي بدأ يتسرب من بين يدي دون ان اشعر حتي أصابني بالشلل الداخلي واصاب تفكيري باليأس والاستسلام المؤكد
تركت مهمة البحث عن الاحساس المفقود قليلا , وجلست افكر بعمق , هل تستحق المشاعر ان نبحث عنها دائما ونتمسك بوجودها في كل تفاصيل حياتنا حتي وان كانت النهايات دائما تسير عكس رغبتنا,
ام نفرح لأنها بدأت تغادرنا و بدأنا نتخلص من أسرها الذي استنزف الكثير والكثير من أيامنا ,وقبل ان أتخذ قراراً اذا كنت سأتخلي عن الركض للفوز بالمشاعر أو أني سأسعي من جديد لاستحضار هذا الاحساس الذي يمهلني طاقة غير محدودة تجعلني أنظر للدنيا بكل ما فيها علي انها ابسط من أن أعكر صفو مزاجي بسببها فهي في النهاية سترحل بنا
, تركت حالي جانبا فأنا لا أستطيع مراقبة نفسي علي أي حال , لكن اريد ان اري بعيني كيف ستكون الايام في الحالتين , اذا غلبتنا قسوة الحرمان طوال الطريق وأجبرتنا التخلي عن انسانيتنا ومشاعرنا او اذا استطعنا نحن التغلب علي هذا الحرمان وهزمناه قبل ان يجرف دموعنا أنهاراً
أعرف رجلاً بلا مشاعر , هكذا وصفوه لي , كنت أعرفه لكني في الحقيقة لم أكن أعرفه بما يكفي , لم يمهلني الحظ فرصة لأتخطي  حدود احساسه , كنت دائماً أكتفي بما ترمقه عيناي ولا أفكر بما تراه , لا احلل صوته ولا كلماته كان دائماً أمامي نموذج فريد للرجل الشرقي الذي ترسمه كتب الروايات , فارس من زمن لن يأتي أبدأ , هكذا كانت عيني تراه ,
لكن عندما بدات ذاكرتي تنتعش لتستحضر النموذج الذي اريد ان اراقب فيه , كيف تمر ايامه , كيف يبني أحلامه , كيف يصادق , كيف يتنفس , كيف مر ذات يوم من أمامي دون أن أصعق بإحساسه الذي يضعه أحيانا تحت أقدامه وأحياناً بين يديه ومره ضبطته يخرج من عينيه
وردت صورة صديقي سريعا الي ذاكرتي , ووافقت حواسي علي مراقبته , وفعلت ,      ليتها ما فعلت ............!!!!!  ليتها

الأحد، 12 سبتمبر 2010

كان صديقي


طلبت منه أن نرحل , فرفض ومضي مسرعاً حيث كان وكانت , 
 هكذا كان دائماً صديقي  !
لم أعرفه جيداً , لكنه كان دائماً يعرفني ,

وعندما بدأت إكتشافه , صار يجهلني , هكذا أصبح صديقي !
أصبح كل منا يجهل الأخر , تشوشت أفكارنا و إتسعت الغربة بيننا ولم أدري ,
أحقاً كنا في السابق كل منا يقرأ الأخر !! ,

أم أنني مازلت علي جهلي وأميتي في تفسير الأخرين , وعلي نفس حماقتي في خسارتهم !
لم تعد يد صديقي مأوي لحزني , ولا ابتسامته إنعكاس لروحي , ولا صوته شفاء لجرحي ! فلم يعد هناك ,

هكذا رحل صديقي !!
وهكذا كرهت حماقة نفسي !!

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

قارئة الفنجان


قلت لها  : كفي عن جلد أذني بهذه الكلمات الحمقاء فلم اعد بحاجة لتناوب حزني بيني وبين هذا الفنجان
جاوبتني : يا حمقاء أنا لم أخترع لكِ قدر , هذا ما أترجمه لك عبر هذه الخطوط المتقاطعة الاتصال كما هي حياتك , فأصمتي وإستمعي الي دون مقاطعة حتي لا أفقد صبري وتهرب طاقتي وأصفعكِ
تصفعيني ! سألتها بإستغراب , قلت لها فلتفعلي إن كان ما تقرائينه علي صحيحاً فحمقاء مثلي تستحق أكثر من هذه الصفعة كي تصدق خرافاتك
نظرت الي ببرودها الذي إعتدت مشاكستة كل صباح بعد تناول هذا الفنجان البائس الذي افرغ بين اركانه كامل غضبي من الدنيا
إبتسمت بهدوء وقالت كفي عن العناد واجلسي فاليوم ليس مثل سابق ايامك معي , اتركي المزاح جانبا وانصتي الي
لم اهتم بما قالته كثيراً رغم ان ملامحها الجدية والمثيرة للاهتمام باتت تخيفني , ولكني جلست امامها دون ان يبدو علي الاهتمام
اذا , هاتي ما عندك ماذا علي الطريق , هل من حزن جديد ؟ هل من ألم جديد ؟ انا علي استعداد تام من الأن , فلم يعد يؤثر في الم او حزن ولا فرح او سعادة , المناعة عندي مضاعفة اليوم
قالت لي بل أكثر ذلك , فشعرت ان حديثها هذه المره يحمل شيئاً من الجدية , قلت لها أعرف هذه النظرة الخبيثة عندما تنظرين بها الي
جاوبتني نعم ولكن ماذا تعتقدين هذه المره , قلت : لست بحالة ذهنية تسمح بالتخمين ,
أطبقت الفنجان وقالت دون مقدمات إستفزازية , إستعدي
قلت لما استعد , نهضت من علي كرسيها بإتجاهي وإنحنت علي كتفي ببطء وهمست لي بنبرة توعد
ستتعثرين به من جديد , ولكن إحذري , قلت لكِ إحذري
نظرت اليها بسخرية , جاوبتها بكل ثقة وبصوت مرتفع : انت الحمقاء لا أنا
أحذر !!!
وقفت أمامها تماماَ قلت لها ألم تقرأين قديماً شعر نزار ؟!!!  فإسمعي :

مازلتِ في فن المحبة طفلة بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي بعد أن تتفهمي أن الرجال جميعهم أطفال
قصص الهوى قد أفسدتك فكلها غيبوبة .. وخرافة .. وخيال
الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينة وشعورنا أن الوصول محال
هو جدول الأحزان في أعماقنا تنمو كروم حوله وغلال
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً فنموت نحن وتزهر الآمال
هو أن نثور لأي شيء تافه هو يأسنا هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا ونقبل الكف التي تغتال

الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

انثي إستثنائية

انثي , ولكنها انثي استثنائية لا أعرفها ولكن إكتشفت وجودها منذ فترة قريبة ربما بضع سنوات او بضع شهور أو بضع ساعات , وانا أحاول الإقتراب منها وإقتناص فرصة مناسبة كي اقرائها جيداً وأعرف تركيبة هذا الاكسير الغامض الذي يثيرني فيها وأطوق للحصول عليه يوماً ما
جلست أمامها تماماً وقلت لها إفصحي عما بك اريد ان اقرائكي من خلال حروفك وتعابير وجهك المحتالة علي , فلا عدت أعرف حينما تضحكين كالثوار المنتصرين بعد معركة دامية , إن كانت السعادة تغمرك أو الحزن المتأصل في أعماقك هو الذي يجول بمخيلتك وجعلك تملئين هذا الهواء بعبير ضحكاتك المتواصلة
كما أني إحترت عندما شهدت دموعك الدافئة يستقر بها الحال الي هدوء نفسك ونقاء سريرتك واندثار الدنيا بكاملها من مخيلتك , ففي أعمق لحظات صفائك ابصر إنهيارك , فما عدت أحتمل هذه اللعبة الغير منطقية والتي لم أدرك تفاصيلها بعد ,
وعذراً لتطفل هذه الصورة الجامدة التي بدات تتأكل معالمها بفعل الصدأ , عذراً لإستباحتها صمتك هذا الذي ينتمي لعالم الأموات
ضحكت كثيراُ علي هذه المقدمة الحمقاء التي ألقيتها عليها , في  محاولة مني لمحاصرتها للإجابة دون أن تفكر في إبتكار حيلة تتلخص في ضحكاتها المدوية دون أسباب واضحة يدركها من حولها مثلما عودتنا حينما ترغب في نسيان أمر سخيف
لم تجب بكلمات وإكتفت بنظرة متلاعبة رمقتني فيها بعين ماكرة وأشارت الي بيديها أن أتبعها بصمت دون أن أتفوه بحماقة أخري
بلا شك , إن كانت ستأخذني إلي الجحيم أو إلي المجهول , كنت أيضاً سأذهب معها بلا ريب حيثما تريد , ولكنها أدخلتني في غرفة فارغة لا يوجد بها سوي نافذة تطل علي بحر هاديء يكاد يخلو من الأمواج ,قالت لي أغمضي عينيكي وإسمعي وانسي أني معك لا تذكري شيء في الحياة فقط اذهبي الي هناك
هكذا نطقت أخيراً بعد رحلة طويلة إجتزتها معها كي أسمع منها ما يسر نفسي ويعطيني ولو ملمح بسيط أكتشف منه شخصية هذه المرأة الاستثنائية التي تحيرني
لم ارد ان اغلق عيني ولا أن أدخل في التجربة مثلها ولكن طمعي في معرفة تركيبتها بلغ حده حينما طلبت منها أن تفعل هي هذا الشيء أمامي
ابتسمت لي ابتسامة استهزاء وأغمضت عينيها , لم أسمع انا أي صوت يأتي من أي مكان , بخلاف صوت دموعها التي بدأت تصدم قطرة تلي الأخري بوجنتيها المبتسمتان
زادت حيرتي وشعرت بالملل , لا اريد كل هذه الخطوات اريد النتائج فقط , ذهبت اليها وصرخت بها , إنهي هذه اللعبة وإشرحي لي لماذا تبكين وأنتي أمام هذا المشهد المهيب تغمضين عينيك
قالت من كثرة جماله كنت أبكي , ثم إبتسمت وبدات تضحك ثم تصاعدت ضحكاتها الي ذروتها , فسألتها مرة اخري لما هذه الضحكات , قالت من شدة ألمي وحزني ويأسي
قلت لها لماذا يدعوك إمرأة إستثنائية فمظهرك لكثير من النساء ,
قالت ربما لأن كل شيء إنكسر بداخلي مثل كل النساء , 

الحياة ما عادت تعنيني ولا تؤثر في وأنا بالمقابل معها  نفس الحال لا تشعر هي بوجودي ولا تسمع ضحكاتي ولا تكترث لألمي ولا تكسر يوماً صمتي , فأصبحت
أضحك عندما أشعر أني بحاجة للضحك حتي وإن كنت حزينة , وتدمع عيني عندما تبصر روعة الخالق , فأتشكك إني أخطأت عندما قررت ان لا شيئاً يعد يعنيني بالحياة بعد اليوم سوي ذاتي التي لم تعد ترغب بأي شيء , اللهم الا ما يمنحها الله اياها ,
جاوبتها , هل هذا ما يجعلك إمرأه إستثنائية , قالت لا ولكن عندما تتراكم بداخلكِ العثرات يتولد فيك مع الوقت إحساس مضاد , فلم تعد أسباب الحزن هي المتعارف عليها , ولا الفرح يأتي بالأخبار الساره وهدوء القلب
أنتي إمرأة فلسفية ربما أنتي إمرأة معقدة تركيبتك وأنا أصر عليكِ , قلت لها
قالت , لا تعقيد ولا شعوذات فقط هي الحياة من تبدل الادوار و تبدل ترتيب المشاعر أيضاَ , إن كان ما يحزنك وقع وقت سعادتك سوف تحزنين , وإن كان ما يسعدك وقع وقت حزنك سوف تسعدين
شعرت بالدوار والضيق كدت أسقط من علي المقعد لولا اني اتخذت قراراً بالانسحاب , تركتها دون كلمة أخري , ومضيت أفك طلاسم ما وقع علي مسامعي , تركتها حيث إنتهينا ولا أدري إن كانت ستبقي هناك دائماً أو أنها ستعود حتماَ ذات يوم

الخميس، 2 سبتمبر 2010

إصمتي




دائماَ أميل الي مصادقة الصغار أكثر من مصادقة الكبار , سألتني صديقتي الصغيرة ذات مرة وهي الأقرب لي بين أطفال العائلة , سألتني في جلسة ودية تعودنا ان نجتمع فيها كلما زرت بيتهم ,سؤال مباشر وصريح
كيف استطيع أن الفت نظر زميل لي في المدرسة ؟ طبعا سالتني هذا السؤال ببراءة الطفولة التي بدأت تتلاشي ويحل محلها مرحلة مبكرة من المراهقة الصغيرة , لا أدري إن كان عمر المراهقة قد دق بابه مبكراً علي صديقتي الصغيرة أم اننا كنا في مثل أعمارها نشعر بنفس الرغبة الملحة بإكتشاف نفسية الأخر التي تجعلنا ندرك بعدها كيفية التقرب منه أو إختراقة
الصغيرة لا يتجاوز عمرها العشر سنوات وسريعا ايقنت ان السبب في هذا التبكير في اصابتها باحساس المراهقة ربما يعود لإختلاف الاجيال بيننا , واختلافات اخري عديدة لم تكن منتشرة في عهدنا الطفولي , وبالطبع لم تقبل الصغيرة مني مراوغة الاجابة علي السؤال وانا لم اعودها ايضا الا علي التفكير بمنطقية وعدم الاستهانة بعقلها والان أصبحت لا استهين ايضا بمشاعرها الصغيرة
قلت لها بعدما حاولت ان اتفادي المفاجأة التي أصابتني من سؤالها , كوني جميلة وأصمتي , بالطبع لم تقبل هذه الجملة دون تفسير او شرح ولم احاول مراعاة فرق التفكير بيني وبينها , ولكن قدمت لها الاسباب والاقتراحات وتركتها تفكر هي بالنتائج وبالمعني التي تخبئه هذه الجملة ,
كوني جميلة وأصمتي , فالصمت في حرم الجمال جمال , كلماتنا في الحب تقتل حبنا , ان الحروف تموت حين تقال , هكذا قال من سبقونا الي العشق , وقد تكون هذه احدي طرق العشق التي لا ترضي الكثيرين والواضح انها ايضا لا ترضي الصغار ,
بعدما انهار عامل المفاجأة عني وبدات أستعيد كلماتها ابتسمت دون وعي وبدات أعبث بين انقاض ذاكرة طفولتي , فلم يسعني سوي الاغراق في الضحك علي الصورة التي استحضرتها من الماضي
تذكرت عندما كنت في مثل عمرها او ربما اقل بضع سنوات انني تعرضت لمثل هذا الموقف مع أحد زملاء الصف , طفل كان ملفت جدا لانتباه الجميع , يتصرف بنبل فارس من الزمن الفائت , تعكس ملامحة شموخ وكبرياء رجل تخطيء الثلاثين رغم انه لا يزال في الثامنة من عمره ,
لا اعرف من اين تلبستني هذه الروح الجريئة التي دفعتني للسير ورائه كل يوم من باب المدرسة وحتي بيته الذي اكتشفت انه يسكن بالقرب من بيتي , ولكن دون ان يشعر بي , اتذكر ايضا انني اجبرت زميلاتي علي السير معي ورائه حتي يبدو الامر طبيعياً اذا التفت ورائه
ثم بدأت أغير خططي في الاسبوع التالي بدأت فعله هجومية غير مبررة كنت اريد فيها ان أكسر هذا الصمت القاتل الذي بدات معه عيوني تتأكل من كثرة تركيز نظري عليه ,
ذهبت اليه لأعرض عليه ان يأكل بعض من طعامي , لكنه اعتذر علي استحياء فلم انتبه اني اتحدث معه وسط الفصل وهو واقف بين زملائه , فلم أجد حيله للخروج من هذا المأزق سوي أن أتحجج أني أحييه لعيد ميلاده
إستغرب قليلا ثم سألني , كيف عرفتي انه يوم ميلادي ,
بكل كبرياء وتلقائيه جاوبته , انت من اخبر جميع الحضور عندما سألك الاستاذ لماذا تغيبت أمس عن المدرسة , فقلت له كان يوم ميلادي
عندما حادثته عن قرب لم اجد هذه الجاذبية والذكاء الذي كنت ارسمها علي ملامح وجهه حين كنت انظر اليه , ذاب فوراً مثل الثلج في حرقة الشمس وانكسرت بداخلي تلك الرغبة في مواصلة اكتشافه عن قرب
ادركت وقتها وتأكد حدسي عندما تخطيت مرحلة الطفولة وأنضجتني تجارب الحياة ان الصورة لا تعكس دائما كل ما بداخل الانسان ولا يكفي ان يتظاهر الرجل بمظهر الفرسان , ولكن الاجدر بنا أن نفتش بداخلهم عن أخلاق الفرسان الذي ندر وجودهم بيننا الأن ,
ابتسمت وعدت سريعاً بنظري الي صديقتي التي تشبهني كثيراً في كل شيء كما تنعتها أمها دائما " انتي الصورة الاخري لها " , بل اتمني ان تكون افضل مني عندما تكبر ونكبر معاً

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

قصيدة


أظل كل ليلة أفتش بين الأوراق والكتب عن قصيدة تشبهني  لا أدري إن كانت قد خلقت أم أنني أول من سيبتدعها بين الحروف , فالشعراء صانعي معجزات علي الورق كما أؤمن أن بعضهم ليسوا من البشر تتلبسهم ملائكة الكتابة حتي يصبحوا شيئاً هلامياً لا نلمسه الا من خلال ما يسكبوه علي الورق ,
امس بحثت كثيرا بين ميراث أحد شعرائي المفضلين عن قصيدة قد تتشابة وملامحي لذاك الصباح , لكني فشلت في العثور عليها ربما لم يكتبني أحد الي الأن , وربما لم يعد لديهم ذاكرة تتسع للمزيد من الروايات
وبعد جهود مضنية وساعات طويلة أمضيتها بين قصاصات الورق لم أجد لديهم ما يكتُبني ولا من يحكيني , إستسلمت لجفائهم ونضب مشاعرهم الاجباري بفعل الرحيل , وإكتفيت بالاختيار من هذا التراث الكبير حتي وان كان ما يشبهني منه هو القليل ,
فقررت أن أتلبس أنا أرواح هذه الحكايات , ما لم اعيشه بعد وسط هذا الزحام من المشاعر التي مازالت غريبة عني , وبدأت أنطلق من قصيدة الي أخري , أطلق الأحكام علي من أراه يظلم وأنصف من أشعر بضعفه ,
حتي شعرت بالدوار والحيرة , طريق القصائد لا نهاية له , ولا أدري متي سأنتهي الي الشاطيء الأخر حيث تضع الأقلام جانباُ , وتسكت الروح عن العزف , حيث اعود الي مبتغاي الذي لا بديل عنه مهما تقمصت روح هذه القصيدة أو تلك , فأنا مازلت ابحث عن قصيدتي التي تشبهني والتي إلي الأن لم يكتبها أحد
عدت من جديد حيث إنتعاشة روح هادئة ضربتني عندما وجدت سطراُ لشاعر لا أعرفه , سطراُ وإن كان قليل وليس بحجم قصائد شعرائي , لكنه كان الأقرب دائما لما أبحث عنه ,
قرأت سطره المرسوم علي لوحه بيضاء , تفاءلت , ومضيت بشغف انتظر سطرا أخر جديد , لأضعة بجوار الأخر والأخر أنتظر ما يجود به علي من سطره الجديد ,
كان السطر هذه المره مرسوم جيدا مرتب الأحرف مثل لوحه تجمعت فيها كل الالوان لكن خلفيتها كانت سوداء , عدت لقراءه السطر الجديد بعدما تخلصت من سحر اللون الاسود علي عيني ,
لكن السطر هذه المره كان طويلاُ وغريباُ , لم يعد يشبهني في شيء , تحول دون إستأذان الي قصيدة طويلة من مائة شطر , هي الأخري ما عادت تشبهني , كانت مرثية تخص فارس حزين , وأميرة لاأدري من اين أتت بكل هذه القسوة وكيف يخزن لها هذا الفارس النبيل كل هذا الصبر وكل هذه الذكري ,
أقسمت ان العودة لدواوين شعرائي المفضلين , والاغراق في درب أبطالهم اللامنتهي , وان كان لا يشبه دربي , لكنه أفضل من سطر يشبهني اليوم , ويتنكر مني غداً 

السبت، 21 أغسطس 2010

مراهقة


كان إسمها مثل وصفها , جميلة الملامح والروح , كالمهرة التي خرجت لتوها من سجنها الي حياة شاسعة لم تكن تبحث فيها الا عن من يعوضها فقدانها اشيائها الضائعة ومشاعرها المراهقة التي لا تزال تنبت في ارض خصبة ,
جميلة , زميلتي في المدرسة كانت وستظل في ذاكرتي رغم اننا تباعدنا بفعل نزوات الزمن الذي مهما حاولنا أن نفهمه أو أن نفك شفراته العجيبة , سنبقي أمامه نحن الخاسرين وهو الأقوي دائما في مبادلتنا أحلامنا بما يفرضة هو علينا , شئنا أم أبينا.
صاحبت هذه الجميلة الطفولية في رحلتها المراهقة طوال عام كامل دائماً يسموه عمر المراهقة , رغم انني دائما كنت أعيش مراهقة مختلفة عن جميع صديقاتي , وأراقب افعالهن العاطفية وحكاياتهن التي دائماً تنتهي بالدموع , ومازلت اتذكر دموع الكثيرات منهن لحظة إختلال علاقتهن مع هذا أو ذاك , رغم صغر أعمارنا لكني كنت أشعر بطبيعتي المختلفة عنهن , ولا أدعي التعقل ولا الوعي أكثر منهن
لكن لم تكن مشاعري تحتمل عواقب الخوض في مثل هذه الرحلات العاطفية التي تستنزف تدريجياُ مشاعر الأنثي بعد الفشل المؤكد لنهاية كل مغامرة , كنت استمتع بمراقبة صديقاتي والاستماع بإنصات الي حكاياتهن المختلفة , ومازلت اتذكر الي الان اسماء عشاقهم المتجولين دائماً حول أسوار المدرسة , ولكن جميلة كانت مختلفة , فهي رغم شرودها العاطفي والذي أجده طبيعياُ ومبرراُ لما كان يحيطها من ظروف اجتماعية قاسية , الا أنها كانت مثالاُ للبراءة والطفولة والنقاء
إجتذبتها شخصية مدرس اللغة العربية الذي يكبرها ويكبرنا جميعا  نحن طلابه في الصف , بعشرات السنين , كانت ترسم صورة لوالدها التي حرمت منه علي وجه هذا الأستاذ , كانت دائمة السكوت في حضرته , دائمة الحركة عندما يغيب أو يتأخر  تبحث عنه , كانت تتزين أكثر وأكثر رغم جمالها الطاغي علي جميع الحضور , أذكر يوماً وقفت تروي لي مشاعرها تجاه هذا الاستاذ , لم أكن أستمع إليها بقدر ما صدمني الحنين الذي كان يطل من عينيها , ولكن الحنين الي ماذا , هل هو الي الحب او الي الإهتمام او التخلص من الوحدة ,
عينيها الباسمة الجامحة لمعايشة الحب بمثل هذا النقاء والصدق , أشهد اني لم ولن أراها ثانية في عيني أي إمراه حتي ولو كانت مشاعرها لم تلوث بعد ,
بعد هذا الفيض من المشاعر الذي واجهتني به جميلة وهي ما تزال في مرحلة التكوين , جعلني اسأل نفسي أكثر من سؤال , هل أبالغ في توصيف مشاعر جميلة , وهل لو رأيتها ثانية بعد مرور كل هذه السنوات , هل سأري كل هذا الحب الصافي مره اخري في عينيها , أم أنه ذهب مع العمر الذي ذهب هو الأخر دون عودة
حين رجعت بالذاكرة لأفكر بالطرف الأخر , هل كان حقاُ يشعر بمشاعر جميلة , أم أنها كانت مثل كثيرات يتهافتن علي هذا الأستاذ , كعادة المراهقات في مثل هذا العمر , مرت علينا طوال هذا العام مواقف عديدة لم أكن أضعها في بالي أو أنتبه اليها , لم تكن تشغلني ولم أكترث لتحليلها , لم أكن انشغل مثلهن للأسف بوسامة هذا الاستاذ وخفه ظل تلك الاستاذ ولا بعبق هذا الاستاذ ,
شاغلي كان أكبر من كل تلك المغامرات الفاشلة علي الدوام , أو ربما كنت اريد أن ادخلها من باب أخر , باب لا أكن أنا فيه الطالبة وهم فيه الأستاذ , أما جميلة فستظل في ذاكرتي هي رمز لعمر المراهقة الطفولية , والتي بدأ نقائها يتلوث مع الوقت , فالاطفال لم يصبحوا في عصرنا أطفال وعمر المراهقة بدأت مفرداته تتغير ,والصورة بكاملها تكسرت ولم يبقي منها سوي رماد

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

باريس



باريس , مدينة الحياة , رأيتك في المنام , إمرأه في قمة جمالها ترتدي فستان عرس تزينه نجوم السماء , وعلي رأسها تاج من نور أشد سطوعاً من ضوء القمر الباهت في حضرتها , والسحر يطل من عينيها الشامخة المتوثبة ,
استقبلني ضخب المدينة التي لا تنام بإبتسامة هائجة أفقدت افكاري توازنها , وأعادت الي صور ذكريات رسمتها في مخيلتي قبل أن أراكِ ,
وأقسمت اني مهما إمتد بي العمر سوف أجسدها ذات يوم فوق هذه الأرض العنيدة , في كل شارع وزاوية و بين كل سماء وحديقة تطل علي مدينة النور والنار ,
تلعثمت قدماي في البداية وباتت مشوشة نحو وجهتها , فالقائمة تطول والحنين أطول , يمتد بعمر إشتياقي اليها , ولكن بالنهاية استقرت خطواتي نحو نهر السين ,
وقفت علي ضفتيه انتظر المعجزة التي يهديها الي هذا التاريخ مثلما أهداها لملايين المحبين من قبلي , هذا القرين الذي ضربت الارض بحثاُ عنه وكان أخر مرفأ لي , بين يدي هذا النهر الذي شهد علي قصص لا نهاية لها
فهل سيبخل علي بها , وانا التي قطعت من عمرها مسافات لا اتذكر عددها كي أصل الي هذه اللحظة وانا هنا واقفة أمامه استرجيه واهديه امنيتي والقي خطابي علي سطحه عله يصل يوما أينما يكون قريني ,
إختطف بصري هذه القمة الشامخة التي رغم بساطه تصميمها الا انها هي الاخري تمتلك حسناُ أخر عن كونها مجرد جماداُ يجذب نظرات القادمين الي ارض النور , وربما قد يبدوا برج ايفل عادياُ لولا وجوده في باريس , فهي فقط من تمنحه هذا الجمال
باريس التي جئت اليها من الشرق متلهفه كي أري فيها مدينة احلامي و ابحث فيها عن سحر أخر لا ينتمي لسحر الشرق , لكنها كالعادة مدينة المفاجأت كسرت بداخلي هذا التأمل عندما جذبتني رائحة أجدادي , فها أنا انفصل عن تقمصي للروح الباريسية الخالصة وأعود طواعية الي إنتمائي عندما وقع بصري في ميدان الكونكورد علي المسلة الفرعونية ذات الهيبة الملكية المصرية , شعرت حينها اني أقف عند نقطة ارتكاز للعالم ,
نعم فهي باريس , في كل خطوة تدقها تشعر وكانك في بلد أخر , وفي عصر أخر , خليط غريب وتركيبة نادرة يستحيل معايشتها سوي في مدينة السحر هذه ,
وعلي بعد أمتار من مسلة أجدادي نفضت عن جلدي وهج التاريخ الذي ارغب في وضعه الأن جانباُ لأستمتع بجو أخر لا أنتمي إليه ولا ينتمي الي في شيء , و لم أكن أعرفه من قبل سوي من خلال قصص المجانين , عفوا قصص الأدباء , فهم أخطر المجانين ابداعا ,
يصعب علي اي عاشق لباريس ان يدون في ذاكرته تفاصيل هذا المدينة وهو بداخل سيارة مسرعة يطل علي ما تطوله عيناه دون تأمل , ولكن ان إستطعت ان تجوب شوارعها طولا وعرضاُ سيراً علي الأقدام , ستشعر انك كفرت عن كل ذنوبك لذلك منحك الله متعه لا نهاية لها بدخولك هذه الجنة التي لا تشبهها أي مدينة أخري حتي وإن كانت أجمل منها ,
مقاهي الرصيف وحي الاسواق الشانزليزية والرسامون المبعثرون في الميادين والشوارع العامة , الكتب النادرة علي ضفاف نهر السين , روضة لم اشهد مثلها من قبل , ذهبت اليها وجلست استمع لعزف احد الموسيقيين المتجولين , لم أكن استمع اليه فقط بل كنت اشاركه العزف , طيور كثيرة جاءت لتشرب من فوق سطح هذا النهر العذب الحانه , طيور بيضاء واخري ملونة ,
جلست وحدي اتأمل هذا الفراغ المهيب , وهذا الجمال الغريب الغير مبرر والذي لا أعرف سببه , لكني ابصره في هذا المشهد الا متكرر , ربما هي صورة طبعتها  عيناي سابقا وقررت أن ارسمها عند زيارتي الاولي لباريس , وقد فعلت الأن
 

ولكن ماذا أفعل بهذا المنبه السخيف الذي دائما يفسد علي حياتي الأخري ويعيدني الي ما لا اريد , فلم استطع إكمال زيارتي فمازال اللوفر في انتظاري ونوتردام التي اثارت شغفي لسنوات , سأدمر هذا المزعج كي أستريح

الأحد، 15 أغسطس 2010

عقلانيون



اللوحة احدي تحف  الفنان الفرنسي اوجست رينوار
عقلانيون , يجلسون علي مقاعد خشبية متجمدة اتخذوها جلودا لاجسادهم المفتتة بفعل جفاف المشاعر الذي يعانون منه ,
وعيونهم التي التصقت بعقارب الوقت الذي لاينتهي ولا ينضب لكنه يستنزف نظراتهم في كل دقه ويهديهم شحوبا يطبع علي وجههم المثير للشفقة
ولكن ما هي هذه الفلسفة العقلانية التي تصعد بنا الي الايمان الكامل بضرورة التنحي عن التفكير بواسطة المشاعر ,
 واعمال العقل بشكل كامل وتحويلنا دون وعي الي ماديات متحركة علي الارض بفعل الطاقة العقلية التي قد نضلها او نفقدها يوما ما لأي سبب كان , وما الذي سيهدينا الي ضالتنا وقتها ان كنا قد خسرنا ترتيبات العقل المنظم وايضا خسرنا حدس المشاعر الفوضاوي
أراها من السخافات التي وصلنا اليها وانتشرت حولي بكثرة , التفكير بالمنطق وحده قد يخلف ورائه جمود رتيب في التعامل اليومي مع حياتنا التي من المفترض ان تكون حياة ابدية
كثيرات فضلن حياة العقل علي حياة المشاعر , وقد تحولن جميعا الي اجساد لا تنبض فيهن الروح الباسمة التي تعودت ان اراها في وجوههن من قبل , ثم تيبست الاجساد وأصبحن جميعهن أصنام لا تنطق ولا تتحرك ولا يصدر عنها رد فعل لما يرتكبه الاخر في حقهن
ايضا من اخترن حياة المشاعر مازالوا يعانون قسوتها وجفائها وندرة ان تجد الاخر الذي يؤمن بها مثلك 
ولكن أن نحيا علي امل ان تضربنا عاصفة تمحي هذا الجفاء عن مشاعرنا حتي وان لم نشفي منها ابدا  , اهون من ان نحيا متيبسن , اجساد بلا روح , يفتتنا الوقت حتي نصبح رمادا منسياً

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

لماذا ؟

لماذا يلحد المثقف ؟
عندما طرحت هذا السؤال من فترة علي نخبة من الاصدقاء للمناقشة الايجابية فيما بيننا تلقيت منهم اجابات عديدة ومتباينه ,
حول مفهوم الالحاد وحقيقة ارتباطة بالانسان المثقف أو بشكل اعمق , الشخص الذي وصل الي مرحلة معينه من امتصاص نوعية ما من الثقافة
وربما مفهوم الالحاد بشكله المباشر المتعارف عليه يعد نعت قاسي جدا لا استطيع ان اعممه ولا حتي ان اتهم به احدا , لكني استخدمه مجازا  لتوضيح ظاهرة شغلتني كثيرا في الايقاع بإسبابها بين يدي
في البداية وقبل ان اطرح عليهم السؤال الذي شغل بالي كثيراُ وضعت فرضيات من مخيلتلي ربما تدور حولها الاجابة التي تخرج مني ,
- حرية الابداع علي سبيل المثال بمعناها الصحيح تتطلب افقا لا محدودة من التفكير و الاستنتاج والتعمق فيما وراء ما تسميه الاديان بالثوابت المتجمدة والتي لا تقبل المساس بها
- تكبيل العقول منذ الصغر وتحديد اقامة الرغبات التي من الممكن ان تتعارض مع ما هو سائد سواء في التربية الاخلاقية او في الطقوس الدينية المتوارثة , ولا اعني بالطقوس الدينية سوي العادات الاجتماعية المتاصلة في وجدان أجدادنا ونقلوها لنا عبر زرعها في نفوس ابائنا دون إعمال العقل أو منحهم فرصة للإختيار حتي أصبحت تمثل لديهم عقيدة خاصة تحتل مكانة أكبر من إنتمائتهم الدينية
-التأثر بثقافة الأخر والتي قد تناقض ثقافتنا , ولكني أشعر ان مفهوم الثقافة بشكل عام مفهوم عام لا ينتمي الي شعب بعينه ولا لطقوس محددة ننتهج منها ما يرتقي الي أذواقنا , فمفهومها بشكل عام قد يكون :
الاطلاع بشراهة والتأثر العقلاني والاستنتاج والاختيار وفيما بعد يأتي الإبتكار او الاختلاف , اذا فإلقاء اللوم علي التأثر بالاخر ليس الا دليل عجز أقنعنا به أنفسنا تدريجيا حتي وصل الي مرحلة تقترب من اليقين ,
 هذا اليقين الذي كنا نرفض الاعتراف بوجوده من البداية

فوبيا


لا أدري إن كنا نحن المصريين فقط هم من يعانون من هذا الهاجس الذي أصبح فوبيا شعبية انتشرت بيننا حتي أصبحت مظهر إجتماعي وعلامة مؤكدة اننا مجرد قطيع تحركه الرياح دون إعمال العقل ودون ابداء الرغبة , أم أنه سمه عامة انتشرت بين الشعوب العربية منذ سنوات
فوبيا العنصرية في التصنيف الشكلي للتدين الذي أصبح ظاهره أكثر من باطنه بمراحل , وسهل علي الكثيرين اتخاذ المظهر الديني ستاراً لهم ومكانة يحفظها المجتمع ويقدرها عن غيرهم او عن المختلفين عنهم حتي وان كانوا علي نفس الدين
لكن الشاكلة لم تقتصر فقط علي معتنقي الدين الواحد اللذين أصبح ما يسموه المظهر الاسلامي دستوراُ معمول به فيما بينهم يشكل من وجهة نظرهم المبرر الوحيد للتمييز بين ابناء دينهم وبين الاخر ,
رغم انهم لو ابتعدوا قليلا عن هذه النظرة المتعصبة واطلعوا علي ثقافة الاخر المنبوذ دائما منهم علي انه مخطيء , لوجدوا تشابها كبيرا فيما بينهم , هذا التشابة المتناقض يسقط عن أفكارهم فورا محدودية التفكير في تصنيف معتنقي الاديان المختلفة من خلال الصور المطبوعة في الذاكرة التي بثها فينا المجتمع لنلهث وراء توثيقها او ادانتها او تبنيها او بالمعني الدارج , نلاقي حاجة نتلهي فيها بعيد عنهم
ففي الاديان الثلاثة يعد مظهر اطالة الذقن علي سبيل المثال من الطقوس الدينية التي ارتبطت بالاديان السماوية الثلاثة , وليست فقط الاديان السماوية التي ارتبطت بهذه الصفة الشكلية , اللا دينيين ايضا يتصفون كثيراَ بهذا المظهر , فكيف نستطيع تحديد هوية هذا البشري لمجرد ان ذقنه طويلة ؟
الحجاب ايضا أصبح واحداُ من هذه المظاهر الاجتماعية , لا الدينية , والتي تعد واحدة من الوسائل التي تصنف بعنصرية متخلفة ديانة النساء .
هذا الهاجس لم يقتصر فقط علي معتنقي الدين الواحد الذي ينادي بإرتداء الحجاب , لكن هذا الهاجس الشكلي ( الذي لا يرتبط مطلقاُ بالدين) ولا اعني ارتداء الحجاب لكن ما اعنيه هو تصنيف ديانة النساء حسب ما يرتدينه , امتد هذا الهاجس ليصبح ظاهرة عامة لا ترتبط بأفكار دينية قدرما ترتبط بأفكار إجتماعية امتدت لبصر الاديان الاخري عن الصورة التي رسمها البعض عن المرأه المسلمة او التي يجب ان تكون مسلمة أصيب المجتمع بالكامل بهذا الهاجس و أصبح مفهوم الاسلام لديه مقتصر علي ارتداء المرأه للحجاب ودون ذلك فهو غير مسلم , يا سلام !!!!!!!!!!1

الأربعاء، 4 أغسطس 2010

طقس

تلومني أمي كثيراُ للعداء الكبير الذي أكنه ضد ممارسة طقوس الطبخ المفروضة علي جنس النساء بالفطرة , ومع الضغط المتكرر الذي يقع علي كلما اتنقل بين القنوات التليفزيونية التي لا يشبعها تقديم برنامج واحد يدربنا علي قضاء وقت أطول في اختراع اكلات طويلة المدي في صنعها وبالطبع كما هو متعارف عليه في جلسات النساء الفضفاضة اللذين يتخذون جدران المطبخ مأوي لهن ليل نهار يتصارعون وكأنهن داخل حلبة قتال من منهن أطيب صنعاُ , فدائما لا اجد خيار اما ان تتملكني العصبية في تغيير الموضوع الي حوار اكثر أهمية عن مما سنتاوله اليوم او غدا أو اترك المكان مستسلمة ليأسي في تغيير أفكارهن الي هوايات اخري أكثر نفعاً لكن التركيبة السرية لنساء مجتمعنا تستطيع كبح اي محاولة لتغيير متطلباتهم , فأنصرف عنهن مهزومة قبل أن تتلبسني افكارهم وأصحو في يوم اجد نفسي فيه نسخة مكررة منهن تضاعفت كراهيتي لهذا الطقس السخيف الذي يسرق من عمر النساء الكثير من الساعات التي يمكن لهن استثمارها في تحرير قارة بأكملها , فهل هن علي يقين انهن لم يخلقن في الحياة لممارسة هذا العمل وحده ؟ لا ادري ربما رواسب مجتمعنا المحبط دائما لأي نفعية تأتي سواء من المرأة أو الرجل هو السبب الاساسي في ترسخ هذا الفكر الذي ارتبط بقوة بواجبات المرأه تجاه الرجل
علي العلم من أن أشهر طباخي العالم هم من الرجال وليس النساء
 فالافكار اليومية التي تجتاح عقل كثيرات هي ابتكار الجديد والمدهش الذي قد يثير إعجاب زوجها حتي يستدرجه لعابه عند طرقه لباب المنزل يسأل نفسه 
يا تري طبخة ايه انهاردة
أصبح طقس إعداد الطعام وسواس يعبث في ذهن الكثيرات كونه أداة للسيطرة علي الجنس الأخر من ناحية ومن ناحية أخري يعد شرط عقيم لنجاح أي علاقة بين أثنين

أنبذ هذه الفكرة حد الكره بعدما فرضت نفسها بقوة علي عقول بنات جنسي , لكن الفكرة تذوب تدريجياً عند إعمال العقل والقلب معاُ فهذا الفرض الذي اصبح قهري وارتبط بفكرة الزواج يمكن أن يتخذ صورة أكثر إيجابية لو نزعنا عنه صفة الفرضية الإلزامية , وأعطته النساء أبعاداُ أكثر شاعرية يمكن أن تذيب هذا الجفاء السميك بين ممارسة هذا الطقس اليومي وبين إستمالة عقلنا إالي إعتباره نوعاُ من الروتين التافه الذي لو استسلمت له النساء وصبت كامل طاقتها فيه , ستذوب بين جدرانه الأربع وينقطع أوصالها بالمجتمع بعدما يولد لديها هاجس يومي يتحول مع الوقت الي ادمان
ولننقذ أنفسنا من هذا الصراع الغير متكافيء بين عادة يومية يمكن ان تقضي بأي وسيلة لا تشغل بالنا ولا تستحق أن تؤرقنا , فلا سبيل الا ان نقتنع ان الزامنا بها لا مبرر له سوي انها حالة من العشق والدلال تدسة النساء بيديها لترضي به من تحب , زوجها , أبنائها , أقاربها

أغنية




احيانا تبقي أغنية ما عالقة بذاكرتنا لفترة , لا نفهم لماذا إرتبطت بمخيلتنا الي حد ترديدها مراراً رغم اننا قد نكون خارج اطار الحالة التي تعبر عنها الاغنية ,
ربما نعايش هذه الحالة دون ادراك او وعي تام , فأغنية ما قادرة علي فضح احساس قد يكون خفي علي صاحبه
لا يهم ان كنا نبتسم لها او نهرب منها او نبحث فيها عن معني مفقود في حياتنا ,
أمس نزفت أعيننا دماً وحرقت أنفاسنا الأخضر واليابس عندما مرت حروفها علي مسامعنا
أما اليوم نتراقص علي انغامها ونهوي وسط الالحان الناعمة التي يلمس شذي عبيرها دائما منطقة مفقودة من مشاعرنا
وربما غداً سنستقبلها ببرود اليأس الذي تسلل الينا تدريجياُ يوم تلو الأخر
نحاول فض هذا الاشتباك وقطع اوصال إمتزاج خيالنا بالاغنية , لكن الهاجس يولد في كل يوم هاجس جديد
وتبقي علي السنتنا دائما حروفاُ لأغنية 

الأحد، 1 أغسطس 2010

ايزابيل


 لماذا في مدينتنا نعيش الحب تهريبا وتزويرا
ونسرق من شقوق الباب موعدنا ونستعطي الرسائل والمشاويرا 
نزار قباني


شرقيتنا التي تتبني إخماد المشاعر وخصوصا عند المراة , تحرم عليها الانطلاق بمشاعرها البسيطة او الماكرة علي حد سواء
فما ان تحاول واحدة منهن التنصل من هذا الطوق الحديدي الذي نسجه المجتمع حولها وجمله بشريط من الحرير ,اسماه عادات شرقية
تقذف بوابل من رصاص الكلمات والنظرات والاتهامات التي تنهي علاقتها بمن حولها وتقضي علي اي دافع لها في التصدي والدفاع عن حقها الشرعي في التعبير عن مشاعرها ولو بمجرد كلمات
فيولد بداخلها الخوف والخجل المتزايد من مواجهة الأخر , وتلجأ الي الهروب من المواجهة والاستسلام المبكر والذي تتصف به الكثيرات 
وتسعي الانثي لارتداء هذه الصفات التي ترضي من حولها وتبرزها امرأه علي قدر بالغ من التهذب الذي يبصم عليه المجتمع ان هذا هو النموذج الامثل الذي يجب ان تتحلي به الاخريات
ودون ذلك هن جريئات , متمردات , متطرفات , وقحات , وربما عاهرات
الخوف من جنس أدم , علي الاكثر يولد عندنا بالفطرة ويتربي فينا تدريجياُ , فالام تخاف غضب زوجها وتسعي لارضائه وان لكمها كل صباح تعود ثانية تمسح حذائه
أما الاخت فترتدي حجابها وثيابها الطويل خشية بطش الاخ الاكبر لها وتمسح ما لطخته علي وجهها عند باب البيت خشية الصفعة المنتظرة
, أما الخوف من الوقوع في الخطأ , فيولده داخلنا تراكم ثقافة وتربية مجتمعنا الذي يدس لنا اكسير الخوف في الهواء , فأين المفر , اما الاختناق بالحرية او الاختناق بالخوف


ايزابيل
صعقتني حمي قراءة روايات صديقتي ايزابيل الليندي , منذ سنوات التقيتها لأول مرة وكانت ايزابيل ترتدي ثوب الز سوميز , تلك الفتاة التي تضرب اعظم مثل عن مفهوم كينونة المرأة , ولا ابالغ لو ادعيت انها كانت اشد من انواع عديدة من الرجال في رحلة لا منتهية نحو ارض السراب
قابلتها مرة اخري وكانت هذه المرة تستكمل الرحلة ولكن بداخل رداء اورورا التي خرجت من برواز صور عتيق متهالك تستكمل رواية قصص اجدادها نحو ارض السراب
عدت مرة اخري الي معشوقتي التشيلية فعادة كانت تصدمني بما تنثره علي بسطورها وسطوتها في امتلاك قدرة غير عادية علي تحويلي لاحدي بطلات رواياتها
لكن هذه المرة عادت لتروي لي مأساة رحلة لن تعود منها بإبتسامتها الملائكية بعدما فقدت جناحها الايمن , ابنتها باولا , ولكن الي جانب هذه الفاجعة التي قد تفتك بعزيمة اي ام لاستكمال حياتها بشكل طبيعي
عادت ايزابيل بقوة لا تضاهيها قوة محارب في ارض المعركة , استكملت الحديث عن حياتها المليئة بمغامرات فتاة اسطورية , لا يمكن تخيل وجودها في الواقع
ربما في واقعنا الشرقي , الذي يحرم حتي الاعتراف بالخطايا , فما بالنا ان كان الانسان لا يري في خطاه خطأ , بل مزاجية دفعته الي الاعتداد بحرية غير مشروطة
صدمتني الجرئة الا محدودة والا مخجلة التي روت بها ايزابيل مغامراتها مع الرجال , وخياناتها الزوجية لوالد ابنائها , في شموخ لا ادري ابعادة ولا مبرراته , تروي اشهر كاتبات العالم الجديد علي قراءها دون خجل ولا خوف تفاصيل حياتها التي قد لا تعجب ولا ترضي البعض
اذا فالخوف الذي يكمن في نساء شرقنا هو مجرد احساس مكتسب , زجه داخلنا مجتمعنا القائم علي القوة الذكورية التي ترهب قدرتنا حتي علي الأعتراف اننا نحب
فما اقسي ان تعترف امرأه بكل هذه الاحداث أمام ملايين البشر من مختلف الثقافات بكل فخر دون مواربة او خجل ,
ايزابيل , منحتني تفاصيل حياتها المتشعبة قوة كبيرة للتحرر من هذا الخوف , اطوق ان امنح مثيلها لكل نساء الأرض

طفولة

أحب هذه الصورة كثيراُ , أشعر فيها ببراءة تستطيع ان تخمد إجتياح العمر الثقيل علي كاهلي
تبرز من ملامحها طفلة تشبهني , وتظل تعبث بمخيلتي حتي تفقدني السيطرة علي وقاري , فأتمادي معها في استيعاب معني الذكري بالنسبة للانسان
الذكري لا تتلاشي مع الوقت ولا تبقي في مخزن افكارنا في جانب مظلم ,
احيانا تكون ذكري مؤلمة أو حزينة ,واحيانا اخري تكون سعيدة لا يشوبها غبار التعقل الذي يجتاحنا فيما بعد ويقلل من متعتنا ببراءة الحياة
 برغم تفاوت المشاعر التي تدسها ذكري الطفولة بين جنباتنا بخباثة رائعة وناعمة تجعلها خالدة الي الأمد البعيد
تبقي ظهر لنا يحمينا كلما لعبت بنا رياح الصبا والشباب وتغير افكارنا وتطرف افعالنا وتبدد اخلاقنا وعثرات مشاعرنا المتتالية
فهي عند البعض , بل عند الجميع محطة يقف عندها الانسان منحنياً لابتسامة إجبارية ترسم علي شفاهه كلما تطلع الي صورته الصبيانية التي يطل بها من مرحلة ملائكية , تفرض فيها الحرية نفسها علي جميع تصرفاته
فالحرية التي نتمتع بها في طفولتنا تفوق الحرية التي قد نكتسبها في صبانا , اي بعدما ننضج و تتكون شخصياتنا وافكارنا واتجاهاتنا , ونستميل الي وجهه محددة , تكون بحد ذاتها شرنقة نتقولب فيها بارادتنا وايماننا الكامل بها
اما حرية الطفولة فهي انطلاق دون فكر او رأي او مذهب , الحرية للحرية فقط

كلمات

احيانا تسيطر علينا أفكار ومشاعر تحاول البحث عن طريق تتحرر منه 
تنمو او تموت , تطير او تختنق , تتجدد او تتلاشي , لا يهم ماذا سيكون مصيرها
المهم ان تخرج من عنق كادت تخنقه الكلمات التي لا تقال والتي تحولت الي هاجس كبلها عن ممارسة ابسط طقوس الحياة
احيانا لا تكمن القيمة في الكلمات قدرما تكمن في المشاعر