كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

سر الورقة



كان الزحام شديد , وتلاحم الناس أشد , حاولت ان أفلت من بين هذه الغارة النسائية داخل إحدي عربات المترو التي اشرفت علي الانفجار بفعل أحاديث النساء المتقاطعة الصاخبة,
نجحت بالفعل في الحصول علي ركن هاديء وسط بعض الفتيات التي تتقارب أعمارهن من سن النضوج , مراهقات كبيرات , جميلات , حسناوات الخلق علي ما يبدو , لفتت إحداهن إنتباهي بإبتسامتها التي أبصرها دوماً في وجه الكثيرات عندما يخفق قلبهن لهذا القدر
بدات أتلمس بطرف عيني ملامح وجهها الطفولي وبدأ حدسي يرصد دوافع ابتسامة عيناها الملونتين بماء وردي, لم يجذبني منذ النظرة الاولي سوي ابتسامة عيناها التي حجبت عن مخيلتي تتبع مسار نظرتها التي تنتهي عند كف يدها , حيث تمكث ورقة صغيرة تنام في هدوء بين راحتيها
نسيت الابتسامة المزروعة علي هذا الوجه الطفولي , وانصرف اهتمامي بفضول جامح لإكتشاف سر هذه الورقة ملونة المعالم , والتي أخمن أن عبيرها هو الذي شدني اليها في البداية , أما ما سكب علي هذه الورقة الوردية , بالتأكيد كان ماء ذهب , ودموع , وذكريات , ومغامرات , تقاسم كاتبها مع تلك العينين الجميلتين , ساعاتها وأيامها , وسمائها , وأمانيها , الم واحلام ....
فبعث بها اليها كي يعاتبها , أو يترجي منها , أو يغازلها , أو .....الخ , لا يهم ما هي المشاعر التي تطويها هذه الورقة وردية اللون , وما الذي نسج لهذه الفتاة أجنحة كي تطير وسط كل هذا الزحام وهي في مكانها,
اغمضت عيني للحظة لا ادري من أين خلت لي هذه الفكرة الشيطانية التي افقدتني وعيي وأخرجت مني ضحكة عالية , ارتاب لها الحاضرون حتي وجدت الجميع يتطلع الي بغرابة وكأن الضحك البريء أصبح تهمة هذا العصر
حمدت الله ان سأهجر هذه النظرات الخبيثة في المحطة التالية , استدرت والفكرة الشيطانية تحوم في رأسي وتوجهت الي الباب بعدما القيت نظرة خاطفة أخيرة علي الرسالة الوردية وعلي الابتسامة العاشقة
ضرب افكاري من جديد هذا الجنون الذي اعتدت أن يتلبسني كلما توهجت عاطفتي المسكينة , لكن هذه المرة كان دافعها هو سر السعادة التي قرأتها علي وجه هذه الفتاة التي منحتها اياها تلك الورقة الصغيرة ,أعرف ان السر لا يكمن في تلك الوريقة الصماء لكن فيما بُعث منها من مشاعر الطرف الاخر 

لم أكن بحياتي قد كتبت مثل هذه الرسائل التي كنت أشهد صديقاتي يقرأنها ويكتبونها بألطف العبارات وأجمل الألوان علي أرق الاوراق عذوبة , كنت أعشق مراقبتهن عن قرب وربما اختلس نظرة سريعة علي الخطابات واقتنص سطر او جملة من هنا او هناك 
كان اكثر ما يجذبني في تلك الرسائل هي الالوان المبهجة التي يكون عليها شكل الرسالة , لأن معظم الحبيبات كن يكتبن بتلقائية وعفوية مشاعر المراهقة حتي تتحول الاحاديث الي مصطلحات متداوله او أسطر بسيطة الصياغة لكنها تعبر بكل حال عن مشاعر المراهقات في هذه المرحلة العمرية

تركت هذه الذكريات ترحل حيث كانت وبدأت أفكر جدياً بهذه الفكرة التي ضربتني , هل أستطع أن أخلق أنا هذا الخطاب , هل يمكن لـ متهورة مثلي ان تصيغ خطاب مثل هذه الخطابات وترسلة دون تنتظر الرد , ودون ان يعرف مستقبل الخطاب , من هو الراسل ؟
لمعت الفكرة في رأسي وبدأت فور وصولي البيت أن احول هذا التهور الي واقع , بحثت بين الاوراق المبعثرة هنا وهناك عن ورقة تصلح لهذه المهمة , تصلح أن تكون خطابي الأول في الحب , كانت جميع الوريقات بيضاء , تتراقص الاسطر بين أركانها , لكن ليس هذا ما ابحث عنه
اريد تلك الاوراق المرسومة علي الجانبين , متدرجة الالوان , ناعمة الملمس , عطرة النفس , مزروع علي جانبها من اعلي وردة او وردتان , متعرجة الاسطر ليبدو حديثي مثل أمواج البحر الشقية , اما اسفلها فكانت دائما ورقات صديقاتي تمتليء بالقلوب المتناثرة يمين ويسار
لم اجد ضالتي بين كل هذه الاوراق المبعثرة , وتعبت من البحث عن ورقة بين اوراقي تتمتع بهذه المواصفات وبهذا الشذي المميت , 

ولكني عندما أجدها أو هي تجدني سأكتب حتما هذا الخطاب , وسأرسله إليه , دون ان أنتظر الرد عليه

السبت، 16 أكتوبر 2010

هل يلتقي الحب والمجد ؟

هل يلتقي الحب والمجد ؟
ذلك هو السؤال التلقائي الذي يتبادر الي أذهاننا عندما نبصر نهاية الأشياء في حياة الانسان , عندما يفقد الانسان أيامه دون أن يشعر وهو رهن الحرمان إما من الحب او من المجد .
النهاية لا تعني بالضرورة أن يدرك جسدهم الموت ,  فالكثيرون تضرب أقدامهم الأرض لكنهم في الحقيقة هياكل فارغة من المشاعر , فالرحيل لم يعد فقط نهاية لكل الاشياء
نهايات الاشياء جميعها تجتمع معا عندما يفقد الانسان بصيريتة وعزيمتة , الحب والمجد قد يلتقيا وقد لا يلتقيا  معاً أبداً ,
إن إلتقيا , صاغوا بشراً ذات جناحين , يحطم الواقع ويجتاز حدود المستقبل ,

إذا إالتقيا الحب والمجد لخلقوا ذاتاً أقرب الي صفات الكمال , ذاتاً لم تذق طعم الألم ولا مرارة العذاب ولا لوعة الحرمان , ذاتاً لم تبصر الحزن ولا الفشل ,
ذاتاَ تختزل روحاَ مقاومة لقسوة الطبيعة الإنسانية , لرغبات الانسان المحرمة , لنزعة البشر العدوانية , هذه الروح الامحدودة الادراك والعزم سوف تصل يوماَ ما الي هذا المجد المقدر لها والتي سعت لبلوغة , يدفعها ايجابية الحب والتمرد علي الغرائز الشيطانية الطبيعية التي تحملها جينات الانسان ,
والتي يحل الحب محلها فيجسد الاحلام واقعاً صافياً .
ولكن ماذا لو لم يلتقيا هذا المجد وذاك الحب في بشر ؟ 
ماذا لو انفرط عقدهما وسيطرت نزعة المجد علي الروح وسحبت منها القدرة علي الاختيار بين العاطفة والرغبة ؟ بين رقي مشاعر الحب وشهوانية الوصول للمجد ؟
هل ما يتبقي بعدها , سيسمي إنتصاراً, يسمي حباً , يسمي نجاحاً , يسمي فخراً , يسمي إنساناً ....

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

جو مميت قاتل



أجلس والبحر بجانبي , هو ليس ببحر لكنه من صنع البشر للطبيعة
به جمال يتشابه فيه مع الواقع لكنه يظل في نظري استنساخ لما أبدعه الخالق
يهدر في سكون منساب الي حيث تتلاقي الافرع الحيري , ومنها تطل روافد جديدة تشق طريقها الي وجه جديد ترسمه بإندفاعها
علي ضفتيه تاريخ مضي , أكل الدهر عليه وشرب , لكنه مازال محتفظا بجماله ورونقه وبهائه
فالأرض هي التي تبقي والبشر هم الراحلون عنها
الجمال من صنع الله , والدمار من صنع البشر
بين ضفتي هذا النهر حياة وموت , ولكنها ليست كأي حياة وليس الموت كأي موت
لا يعني الجفاء موت علي طول الخط
فالاخضر يمكنه ايضا ان يقتل من شدة الضجر
حظي العاثر ألقاني في الجهه الخطأ , شجر , وزهور , وحرس , وسور , وسور , وألف سور
بينما جفاف الضفة الاخري يتلاعب من وراء السور بعيني
لا زرع , لا أرض , لا طير , صحراء جرداء ناعمة , لكنها دون أسوار , دون بشر
أحسد هذا الطير الذي يقف امامي يغيظني بفرد جناحه , يتمشي أمامي علي حافة الماء , وأنا مازلت أرمقه من خلف السور الحديدي
ليت روحه تتلبسني ولو لبضع ثواني , اهرب فيها من هذا القدر
أرفع عيني للسماء , لا أري وجه القمر
حتي أنت أيها الصديق المعاون لي في المحن , ذوبت في عتمة الليل دون أن ترسل لي الخبر
مازلت انتظر منك أي رد لما أبحث عنه , عله هو الاخر يمكث خلف أسوار القدر .
فمازلت أسيرة هذا الجو المميت القاتل , حتي لو وصفوه أنه جزء من الجنة , فهو في عيني سجن , أنتظر عفو ربي عني

الخميس، 7 أكتوبر 2010

أبكيك


صديقي , مازال يهمس في أذن الماضي , فرفقاً سيدي بكل ما هو أتي !
أضعت عمراً في غرام كان فراقه محتماً , ووهبت القادم لبكائه !

عجبت منك حقاً , فأنت بالغرام مقيد , وقلبك يبدو كالطير الباكي في محبسه 

أنا لا أكتب الشعر فيك لكنني , أختنق كلما أطلت علي إبتسامتك الكاذبة التي تجمل ما انهكته السنين والاحزان .!
صديقي ! ان كانت الاحزان أمر عليك محتماً , فأجعلنا نتشارك البكاء , كل علي أطلاله !
لم أنجح في إصطحابك الي الجانب الاخر من الدنيا , استسلمت مبكراَ امام إصرارك علي الرحيل !
وقفت ابكيك بعين مكسورة لم تدرك حزن مثل حزنك من قبل , ولا اخلاص رجل كالذي تكنه لأيام أذابتها الذاكرة !
يقولون : أن كثرة الحزن تميت القلب , فرفقا بقلب لم يعش بعد كل عطائات السنين

الأحد، 3 أكتوبر 2010

غربة

أطل الأن من هذه النافذة المتسعة التي تطل علي لا شيء سوي الصمت , الظلام , هدوء لا منتهي , غموض يمتد بطول أسوار وأسوار لم تستطع عيني مواصلة الركض حتي نهايتها والافلات منها , ولا عزاء للأسر , إن كان بسبب الهوي , أو الهوس , أو .....!
أغلقت النافذة وأحكمت إغلاق جميع الستائر حتي لا تتتسلل أشلاء الهواء الحارق المتكسر الي الحجرة الباردة , اجتهدت محاولة إعتصار ذاكرتي في إيجاد البديل لهذه الغمة ,
تقدمت نحو باب الغرفة , علي أجد الحل بالصحبة , ظلت يدي مترددة تعبث بمقبض الباب , تتقدم خطوة وتتراجع خطوة , سقط المفتاح علي الارض , التقطة دون وعي وخرجت من الغرفة ,
مرت من جانبي أطياف وجوه, هذه أعرفها وأخري لا أعرفها ,  وجميعا لم يعرفوني , انا لا أعرف نفسي !
استدرت قبل ان اجتاز الممر المؤدي الي الشارع , توقفت قدماي , طلبت مني سرعة القرار , سألتني , أعود أم أمضي ؟ ,