كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الاثنين، 18 يوليو 2011

ضاربة الوَدَع


تصيبني حرارة الجو عادة بموجة عصبية مثل التي تصيب الرجال عند أفتضاح أمر خيانتهم أمام النساء , هربت من ضجر البيت الكئيب الي هدوء الشارع الحذر , أمشي تسيطر علي أفكار تدفعني للمضي أكثر نحو طريق لا أعلم وجهته , تمردت علي المقاهي التي كنت ارتادها عادة مع الاصدقاء أو منفردة أبحث عن شيء ما داخلي , لم تعد تجذبني المكتبات بهدوءها المشوب بالترقب والتلصص علي عناوين الكتب التي يطالعها بكذب قراء لم يأتوا الا لمراوغة حديث لم يكتمل مع صديقاتهن , أعمتني طوعاً ظلمة صالات السينما التي تتستر بعتمتها علي خيبات كثيرة يفضحها سهو خاطيء اسمه القدر , لم أحتمل انعكاس صورتي المتكرر في زجاج واجهات المحلات التي حاولت أضاعة الوقت بمطالعتها , لم أكن ارغب في رؤيتي بعد , كنت أهييء نفسي فقط لهذا اللقاء , فلم أجد سبيل سوي الجلوس علي رصيف الحياة .

شدني صوت إمرأه بينما كنت أبحث عن رصيف هاديء بعيد عن الانظار وعن ضجيج المارة , لم يفاجئني الصوت قدر ما فاجأتني العبارة التي تتفوه بها تلك المرأه , ضاربة الوَدَع .

 لم أصادف من قبل ضاربة وَدَع الا في حكايات الروايات أو في مشاهد الافلام , ايقنت ان الحظ هو ايضاً قد تخلي عن صورته القديمة وأصبح علي حال أفضل من مجرد خضوعه بين يدي ضاربة الوَدَع .

دون تفكير جلست بجوارها صامته كانت تتطلع الي ويداها تجمع أصداف ملونه ترسو فوق قمة من الرمال الصفراء , تنتظر من يتلو عليها أسراره,لكني خيبت ظنها فأنا لا أملك تلك الاسرار التي ترضي غرورها , اقتربت جلستي من ضاربة الوَدَع دون ان أنطق بحرف لكن نظراتنا تقابلت عندما كنت أطالع خلسه تكوين تلك الاصداف فوق الرمال .

سألت نفسي في صمت , كيف لتلك الاحجار أن تفهم , أن تشعر , أن تتجاوب مع أفكارنا , كيف لها أن تتحمل ثقل أسرار البشر دون أن تثقل و تشي بها سوي لشخص واحد , ضاربة الوَدَع .

حاصرتني نظراتها الفضولية و دعتني كي أقترب منها اكثر , فعلت وأنا مازلت متمسكة بصمتي ونظراتي متعلقة بترنيمة الأصداف التي بدت أشبه بسيمفونية أختلطت فيها كل الالات دون تنظيم مسبق , جمعت المرأه الوَدَع بيديها وأخذت تدلكه ثم ألقته أمامي , وسألتني مبتسمة , طالعي حظك !!!!!

عن اي حظ تتحدث تلك البلهاء !
أومأت رأسي اليها بالرفض وجاوبتها في هدوء يائس , إني لا أؤمن فيكٍ !!!
قالت : اذاً انتٍ لا تؤمنين بالقدر!!!
جاوبت : أنتٍ لستٍ القدر وما بين يديكٍ مجرد أوهام خائبة تزرعيها كما شئتٍ في عقول البائسات والعاجزين !!!
قالت : لم أنتٍ هنا إ ن لم تؤمني بي لما أتيتٍ الي هنا ؟!!!
جاوبت :  فقط  كي أراقب ضلالك ووشايتك وهواجسك للأخرين !!!
نظرت الي نظرة إستعلاء وتهكم وكأني دون أن أهمس الي تلك الأصداف وبإبتسامة واحدة ,, أفتضح أمري .
ضحكت لي بفم نصف مفتوح ضحكة استفزتني وقالت : كاذبة !!!

لم أهتم لحديثها معي ولم أهتم بمواصلة الجدل بيننا , كنت أرغب فقط مثل الأطفال في كشف لعبة قديمة سمعت عنها الكثير لكني لم اصادفها سوي للمرة الأولي , رجعت الي جلستها الاولي وعدلت من هيئتها وتجاهلت وجودي الي جوارها , وعاودت ندائها تستجدي المارة لمطالعة أسرارهم , وصاحت بصوت مُنغم " الوَدَع " .

تعلقت نظرتنا في الماره وبدأ صوتها يتعالي من جديد بعدما فقدت الأمل في ملاحقة أسراري , وانتظرنا معاً مرور أول الزبائن علينا .

كانت تقترب من العشرين لم أعطها أكثر من تلك السنوات التي ظهرت علي ملامحها الهادئة رغم السواد الذي ألقي بظلاله علي جفونها , خمنته سواد الحزن أو الشقاء , تلك الفتاة التي أطلقت يديها وغيبت هقلها وخدرت مشاعرها ودربت افكارها لمصادقة تنجيم ضاربة الوَدَع واستسلمت دون تمرد كما لم أفعل أنا , إلي وشوشات الأصداف , كانت أول المارات علينا أول من كشفت الي الوَدَع  أفكاره وشاركه أوهامه السرية , تأملت وجه الفتاة بعمق وبدأت أسجل في خاطري رواية التنجيم التي ستبصرها ضاربة الوَدَع ..

ولم أخطيء فكل الأفكار التي خطرت ببالي واجهتها بها المُبصرة , لم أهتم لمضمون الحديث قدر إهتمامي بفراستي في كشف ماوراء الأسرار دون أن ألمس الوَدَع , كما هي فعلت , شعرت للحظة بالتفوق عليها , ورغبة مني لإمتهان الأمر دون أن المس الوَدَع 

مر زبون جديد وقد تملكتني سعادة كبيرة , شعرت انه يقصدني تلك المرة دون سواي, لكنه خذلني وذهب صوباً يكشف عن حظه مع ضاربة الوَدَع  ,تجاهلت خيبتي وغبائه الامنتهي , كنت أستطيع مساعدته دون أن ألمس الوَدَع , لكنه صوب أرادته كان يركض مسرعاً , وليتها كانت حقاً إرادته , لم تخيب صديقتي ومنافستي ظنوني , فهو حقاً كان يركض ولكن صوب طيفه يحاول التنصل من خياله , وارتداء عباءه فضفاضة يظهر من خلالها منتشي أطول قامة وأقل قيمة

لم أكن في حاجة لتلك الصدفة الصماء ربما يحتاجها خائب الرجاء , لكن ما وضعه الله في من بصيرة وتبصر يفوق قدرات الف ساحر ومائة منجم وعشرون مثل صديقتي الجديدة ضاربة الوَدَع 

   وشاية ( احببت جداً جلسة الرصيف وربما أكررها ذات يوم ) . ربما