كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

باريس



باريس , مدينة الحياة , رأيتك في المنام , إمرأه في قمة جمالها ترتدي فستان عرس تزينه نجوم السماء , وعلي رأسها تاج من نور أشد سطوعاً من ضوء القمر الباهت في حضرتها , والسحر يطل من عينيها الشامخة المتوثبة ,
استقبلني ضخب المدينة التي لا تنام بإبتسامة هائجة أفقدت افكاري توازنها , وأعادت الي صور ذكريات رسمتها في مخيلتي قبل أن أراكِ ,
وأقسمت اني مهما إمتد بي العمر سوف أجسدها ذات يوم فوق هذه الأرض العنيدة , في كل شارع وزاوية و بين كل سماء وحديقة تطل علي مدينة النور والنار ,
تلعثمت قدماي في البداية وباتت مشوشة نحو وجهتها , فالقائمة تطول والحنين أطول , يمتد بعمر إشتياقي اليها , ولكن بالنهاية استقرت خطواتي نحو نهر السين ,
وقفت علي ضفتيه انتظر المعجزة التي يهديها الي هذا التاريخ مثلما أهداها لملايين المحبين من قبلي , هذا القرين الذي ضربت الارض بحثاُ عنه وكان أخر مرفأ لي , بين يدي هذا النهر الذي شهد علي قصص لا نهاية لها
فهل سيبخل علي بها , وانا التي قطعت من عمرها مسافات لا اتذكر عددها كي أصل الي هذه اللحظة وانا هنا واقفة أمامه استرجيه واهديه امنيتي والقي خطابي علي سطحه عله يصل يوما أينما يكون قريني ,
إختطف بصري هذه القمة الشامخة التي رغم بساطه تصميمها الا انها هي الاخري تمتلك حسناُ أخر عن كونها مجرد جماداُ يجذب نظرات القادمين الي ارض النور , وربما قد يبدوا برج ايفل عادياُ لولا وجوده في باريس , فهي فقط من تمنحه هذا الجمال
باريس التي جئت اليها من الشرق متلهفه كي أري فيها مدينة احلامي و ابحث فيها عن سحر أخر لا ينتمي لسحر الشرق , لكنها كالعادة مدينة المفاجأت كسرت بداخلي هذا التأمل عندما جذبتني رائحة أجدادي , فها أنا انفصل عن تقمصي للروح الباريسية الخالصة وأعود طواعية الي إنتمائي عندما وقع بصري في ميدان الكونكورد علي المسلة الفرعونية ذات الهيبة الملكية المصرية , شعرت حينها اني أقف عند نقطة ارتكاز للعالم ,
نعم فهي باريس , في كل خطوة تدقها تشعر وكانك في بلد أخر , وفي عصر أخر , خليط غريب وتركيبة نادرة يستحيل معايشتها سوي في مدينة السحر هذه ,
وعلي بعد أمتار من مسلة أجدادي نفضت عن جلدي وهج التاريخ الذي ارغب في وضعه الأن جانباُ لأستمتع بجو أخر لا أنتمي إليه ولا ينتمي الي في شيء , و لم أكن أعرفه من قبل سوي من خلال قصص المجانين , عفوا قصص الأدباء , فهم أخطر المجانين ابداعا ,
يصعب علي اي عاشق لباريس ان يدون في ذاكرته تفاصيل هذا المدينة وهو بداخل سيارة مسرعة يطل علي ما تطوله عيناه دون تأمل , ولكن ان إستطعت ان تجوب شوارعها طولا وعرضاُ سيراً علي الأقدام , ستشعر انك كفرت عن كل ذنوبك لذلك منحك الله متعه لا نهاية لها بدخولك هذه الجنة التي لا تشبهها أي مدينة أخري حتي وإن كانت أجمل منها ,
مقاهي الرصيف وحي الاسواق الشانزليزية والرسامون المبعثرون في الميادين والشوارع العامة , الكتب النادرة علي ضفاف نهر السين , روضة لم اشهد مثلها من قبل , ذهبت اليها وجلست استمع لعزف احد الموسيقيين المتجولين , لم أكن استمع اليه فقط بل كنت اشاركه العزف , طيور كثيرة جاءت لتشرب من فوق سطح هذا النهر العذب الحانه , طيور بيضاء واخري ملونة ,
جلست وحدي اتأمل هذا الفراغ المهيب , وهذا الجمال الغريب الغير مبرر والذي لا أعرف سببه , لكني ابصره في هذا المشهد الا متكرر , ربما هي صورة طبعتها  عيناي سابقا وقررت أن ارسمها عند زيارتي الاولي لباريس , وقد فعلت الأن
 

ولكن ماذا أفعل بهذا المنبه السخيف الذي دائما يفسد علي حياتي الأخري ويعيدني الي ما لا اريد , فلم استطع إكمال زيارتي فمازال اللوفر في انتظاري ونوتردام التي اثارت شغفي لسنوات , سأدمر هذا المزعج كي أستريح