كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

السبت، 25 ديسمبر 2010

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟

أحياناً يطوف هذا السؤال في رأسي وأنا أستمع الي رائعة ألف ليلة وليلة التي تحفز داخلي العودة الي ذكريات الطفولة وخصوصاً أيام وليالي شهر رمضان الكريم كما هو الحال عند الجميع من الصغار والكبار ممن ارتبطت ذاكرتهم  ببعض المفردات الثابتة من عام الي عام ومنها ليالي السحر والغموض والصوت الدافيء للراوية الحسناء شهرذاد التي إتخذت مقعدها الي الأبد في قلب الملك شهريار
 شهريار هذا الملك المتعطش دوماً للثأر من كل نساء الارض والذي إعتاد أن يغسل وجهه كل صباح بدماء نسائه , إنتقاماً لخيانة حبيبتة له , لم يكن شهريار رجلاً شهوانياً للحب قدرما كان رجلاً شهوانياً لدماء النساء , والاساطير القديمة قد تبالغ في عدد ضحايا هذا الملك المخدوع الذي اصابته عقدة الخيانة بعقدة أخري أكثر تأثيراً عليه , هاجس الحبيبة التي يبحث عنها بين الزوجات الاتي عبرن علي سريرة الفضي , فكل منهن يفوح منها عطر الخيانة الذي إستنشقه من قبل في ثياب معشوقته الأولي
ظل شهريار في كل العصور يبحث بين النساء عن ملامح تلك الحبيبة الهلامية التي تتطابق صورتها مع الصورة التي طبعتها أمنياته عن فتاة الأحلام كاملة الأوصاف والصفات , فكل شهريار ينتظر حسنة الأخلاق متوقدة الذكاء متوهجة المشاعر الخ من فتيات الكمال ذوات الاجنحة بيض الأجساد , اما نساء فراشه الحمقاوات لم يكتشفن نوايا شهريار المخادع في اختبار حماقة انوثتهن التي عادة ما تقودها مشاعرهن الي الهاوية
شهريار هو شهريار بطل لكل حكايات الحب في كل زمان ومكان , فارس لا يقاوم اغرائه , حتي لو تحولت القصة في النهاية الي مأساة , فهو دائماً يصنع روايات نسائه خلف الستار, وتظل صورته موضع ثقة عند الجميع , فمن يكتب التاريخ هم الرجال , ومن يصنع التاريخ هن النساء .

انتهت اسطورة الملك سفاح الأنوثة بين يدي تلك الاميرة الاسطورية التي تجاوزت الواقع بفطنتها وذكائها , أفقدت شهريار قدرته علي المقاومة وهدمت طاقته العدوانية في الثأر من النساء وأوقعته في حبها , 

هل كانت شهرذاد إمرأه فائقة الذكاء من بين كل النساء الاتي عرفهن هذا الشهريار , ام أنها امراة عادية قاومت الموت بفطرتها دون وعي حاولت الابقاء علي حياتها وطوقت شهريار بسلسلة رواياتها الامنتهية , ربما مصيرها كان محتوم مثل الاخريات لو لم تجيد فن الحكايات , أم أن هذا هو الحب , الذي لم يدركه من قبل شهريار
وكيف له أن يعرف ما هو الحب , دائما تفتنه نواقص الاشياء وظاهرها , يبحث عن الكمال في البشر ولا يكترث البحث عنه في ذاته , شهريار كل العصور هو الرجل الاناني الشغوف بملاحقة أحلامه ومصادقة جثث النساء بحثاً عن ملاكه المفقود

لماذا لم يقتل شهريار شهرذاد ؟ ربما لأنها أعطته الفرصة ليكتشف قلبه و يستعيد انسانيتة ويتخلص من طمعه وانانيته ومعاناته في ان يحيا رجلاً أُحادي الولاء


 

ليست هناك تعليقات: