كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

السبت، 30 أبريل 2011

استراتيجية الحب


عادة أحاول المراوغة والافلات من بعض جلسات الاصدقاء التي يغلب عليها طابع الحصار , رغم انني صمدت حتي ذاك اليوم الذي جمعني بإحدي هذه الجلسات فلم تستطع اي جلسة منهم من قبل محاصرتي بأسلاك شائكة من الاسئلة التي دوما تنتظر في صبر جواباً يتوافق مع ما تصبو اليه نوايا كل سائل , لست من هواة تخييب أمال البشر , وإن كان أملي علي الدوام خائب فيهم , لذا كنت التزم الصمت او الابتسامة او حتي الضحكة مكسورة الجناح عندما أُحشر مضطره في مجادلة تشبه الي حد كبير برشامة المسكن التي نبتلعها عندما نشعر بأي ألم في أي جزء منا , تلك كانت اشبه بالمجادلات الهوائية التي يتشبث فيها كل منا بعناده في الحوار حتي تتشابك الأفكار , فجميعنا نمتلك حصيلة هائلة من الادوات التي نؤسس بها استراتيجية منظمة او مبعثرة لحياتنا ولأفكارنا ولمشاعرنا أيضاً , استراتيجية لا نقبل اختراقها ولو لاجراء تعديل خطة ما لا تتناغم فيما بينها , استراتيجية الحب عند كل شخص تختلف عن الاخر , قد تتعارض مع العقل وربما تتماس مع فوضي المشاعر , لكنها بالتأكيد لن تكون علي وفاق دائم مع السعادة .
لا أعلم لماذا يجتهد البعض كثيراً في مجادلة استراتيجيات الحب المتعددة , ذاك هو المعادل الأصعب علي الإطلاق , حيث ان الحكايات ربما تتشابه لكن من المستحيل ان تتطابق , هم ايضاً لا يفصحون بصدق عن أفكارهم السرية وخططهم الكامنة خلف كل سؤال , الا انهم دوماً يحاولون التسلل فيما وراء الابتسامة وبراءتها الكاذبة لخلط السؤال بمحلول سكري يذيب أي مادة عازلة قد ينسجها الطرف الأخر كخط دفاع صامد يحجب الرؤية عن ما تبقي لديه من خطط قد يحتفظ بها بعيداً عن إعصار ابادة الأحلام الذي يجتاح أعمارنا ويأخذ معه في كل موسم حلم مرهق من الذاكرة .
قررت أن أصمد  لبعض الوقت في تلك الجلسة الرباعية المتخيله , علي يميني يجلس "هو" وأمامي  تجلس "هي" , وعلي الطاولة يحاورنا السؤال وقد ادار وجهه الي أكثر من مرة ولم ألتفت , إنتظرت ربما أستمع الي جواب من هو الي جواري أولاً , لكن "هي"  قهرت رغبتي , ودعتني الي الاجابة أولاً وبعيناها المبتسمتان ابتسامه ماكرة سألتني :اذكري لنا بعض الصفات فيمن ترغبين !!! , لا اذكر اني انزعجت من سؤالها  قدر انزعاجي من نظراتها المستفزة , فهي لم تكن صديقتي مباشرة كانت واحدة من صديقاته الكثيرات الاتي اقتربن مني في مهمة إستطلاعية لكشف غموض كيف تجري الأمور بيننا , لم يصدقن يوماً وهن من شهدن علي نزواته وسهراته وتعدد صعقاته , أني لم أهزم بعد بإحدي الخطط التي قضت علي أي خط دفاع لديهن منذ أول لقاء , ولم تترك لهن استراتيجيته الهجومية في الحب أي إختيار الا الاستسلام , أشفقت للحظة علي غبائها وغباء الأخروات وإن كان من الوقاحة أن أمنح نفسي الحق في وصف مشاعرهن في حب " هتلر " بالغباء , بل وتصاعد غرور أفكاري حتي اصف من أحب بالهتلرية , لكن في الحرب والحب كل الطرق مشروعة , كل السبل مسموحة شرط أن نكسب بالأخير المعركة ونسجل في التاريخ منتصرين أو شهداء بإسم الحب .
صمتت قليلاً أفكر في إجابة تليق بهذه الجلسة خبيثة النوايا , اعادت صديقة "هتلر" طرح السؤال علي من جديد وهي تنظر هذه المرة الي "هتلر" الذي حاول بصمته أن يتنصل من تورطه في السؤال ,كانت ملامحها علي استعداد تام لتلقي أي صفعات عاطفية يصدرها غضبي , وكانت تتطلع ان تسقط من فمي ذخيرة مدمرة من المشاعر التي بدأت تتدفق داخلي عندما أدركت نجاحها في محاصرتي بينه وبين السؤال , وقبل أن تلتفت الي أصبتها بالاجابة , أريده أن يكون مرأة شفافة لي وان أكون مرأته التي تعكس له ما لم يعرفه عن نفسه وما لم يشعر به في ذاته دون تجميل الحروف, دون أن نقيم الحسابات, لا نكون مجرد حبيبين ممن يملئون الشوارع والبيوت والأسرة  اريد أن نتحول الي شخصاً واحداً يهوي ذاته حد الجنون .
لمحت في عينيها نظرة مترددة بين سؤالها وجوابي , اما "هتلر" لم ينطق سوي بإبتسامة طفل أهدته أمه في لحظة خاطفة قبلته الصباحية , تخلصت الصديقة من ارتباكها وعادت بسؤال أخر دمر صبري وضاعف من عصبيتي التي أحاول إخمادها منذ السؤال الأول , وأيقنت أني لم أتجني عليها عندما وصفتها بالغباء الفطري المتعلق بمشاعر بعض النساء المندفعات نحو حب ليس لهم , وحبيب لم يخلق سوي لغيرهم , قالت الفتاة وماذا عن الحب لم تذكريه في وصفك ؟ , إبتلعت غيظي  وأغمضت عيني للحظات أشهق أنفاسي , أكثر ما أمقته هو التعامل مع الأغبياء خصوصاً بضاعات الحب الإجباري الاتي يطوقن عنق كثير من الرجال منفلتي المزاج , جاوبتها وقد إرتفعت نبرة صوتي الي قليل من الغرور الضروري في مثل هذه المواقف وقليل من السخرية العاطفية الاارادية بفعل بضع قطرات من محلول الغيرة تفاعل داخلي وقلت لها : حاولي أن تجتهدي قليلاً كي تدركين معني إجابتي , فيها ستعرفي إجابات لكل الخواطر التي تدك رأسك الأن , هل تفهمين معني ان تتوحدي مع شخص ما ويقبل أن تكوني له مرأته الشفافة من بين النساء الحمقاوات أمثالك, الحب هو إحدي درجات سلم الأمنيات بيني و " هتلر" , كل الناس متحابة ولكن اي حب هو ما يجب ان نبحث عنه ؟!!!! , أصبحت بضاعته متداولة علي أرصفة الشوارع وبين الطرقات وحتي بين اركان الجدران التي احياناً تصرخ مستغيثة وهي تحاول ان ترمم أشلاء ما تبقي من مثل هذه القصص , الحب يغير كل المفاهيم المتعارف عليها , ويقلب كل الحقائق علي أصحابها , فإذا كذب من تحبي تفتعلي عنه الأعذار وتتمسك  بإقرار انه أخطأ من فرط حبه فيك حتي لا يجرح مشاعرك  بالحقيقة التي قد تكون مزعجة , وإذا قسي عليك تلومين ذاتك وتحاسبيها  الاف المرات , ربما قصرت بحقه دون أن تدري , وإذا هجرك بعض الوقت تجلدي قلبك ,  تري بماذا أخطأ ومتي سيصفح عنه هذا الخطأ ويعود مبتسماً اليك , التفتت الي الصديقة الا مشتركة بيننا وقد تملكتني ابتسامة ساخرة , إبحثي مع الحب عن مفرداته وأدواته التي قد يخفق سريعاً بدونها .