كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الخميس، 17 فبراير 2011

الي من علمني معني الحياة



صفحة بيضاء , ذاك هو الانسان يوم مولده تمر ساعات وايام عمره وفق ما يسطره الزمن فوق هذه الصفحة البيضاء التي قد تظل بيضاء المعني او انها تتلون حسب ما يتركه غبار الزمن فوق أسطرها
احيانا يختار الانسان وصف وهيئة ومضمون الخطاب الذي يكتبه من حوله فوق صفحته البيضاء واحيانا تسلب منه ارادته طوعاً اوغصباً لكنه في النهاية يعطي مساحة كبيرة لبصمات الاخرين ان تلتصق به الي ارذل العمر
وان كانت اول مراحل العمر اي مرحلة الطفولة من اكثر الصفحات صعوبة في محو ما سطر عليها لسنوات , فالبعض يسميها مرحلة تأسيسية لشخصية الانسان التي تشكل مع الوقت بنيانه العقلي والجسدي والروحي ايضاُ وتتضاعف خطورتها مقارنة بمراحل عمر الانسان التالية في ان هذه الحقبة العمرية تتنكر من ارادة الاختيار الذي تعطي الانسان صفة الانسانية وتحديد وجهته التي  قد تقبلها قناعاته او ترفضها , لكن الطفولة بأي حال مرحلة تفرض علي الجميع اختياراتها من منطلق الوصاية  حتي ينضج العقل وتزداد مساحة الوعي والمعرفة والادراك لديه وتتفتح به قوي معينه تساعدة علي عملية الاختيار فيما قد يفرض عليه من الاخر .
واهم هو من يدرك ان الانسان الضعيف من يستقي شخصيته من صفات من حوله , اذا اعتبرنا ان الانسان الخامد هو من يقبل بمن خط صفحته البيضاء في طفولته مسلوبة القرار , دون اي محاولة منه في مرحلة اكثر تقدماً ان يحاور ويناقش صفاته ويعيد الاختيار بعدما اكتمل وعيه ,ذاك هو الانسان القانع دائماَ بما لديه من ذاكره محدودة وقوة ذوبان معدومة في الحياة , اما الشخصية التي احيانا يصفها الناس بالضعيفة التي تستقي ممن حولها صفات لم تعتاد علي مواجهتها ولم يخطها في طفولتها احد فوق صفحاتها , انا انعتها بالموج الهاديء الذي يغطي جوف بركان يجهل تحديد مساره لكنه يتمدد الي ان يصل لسطح شاهق فتأتي رياح تعصف به الي غير وجهته فتتغير كل جغرافية المكان ويتحول الي انسان جديد يدرك مع الوقت قيمة الاختيار الذي هو جوهر الحرية , وهناك نوع اخر من البشر غير مستكين لا ينتظر الريح تعصف بهدوئه الحذر لكنه هو من يسعي وراء ايجاد تفسير لتكوينه الذي لم يختار منه شيئاَ سوي انه قرر الان ان يختار .
الي كل من علمني معني من معاني الحياة , القي تحياتي بعدما تمكنت من احكام قبضتي علي عنق الاختيار , اخترت لهن اسماء تتقارب مع صفاتهن .
لامعة العيون : صديقة الطفولة زميلة المقعد الابتدائي , اول امرأه - وعذراً كانت بعمر السابعة لكني دائماً كنت أراها أمرأه شامخة – اول امرأه علمتني ان جمال المرأه في بسمتها ورقتها في صمتها .
 قاسية الملامح : علمتني زميلة المراهقة بعمر الرابعة عشر حتي نهاية الجامعة , كيف تكون مشاعر الاخوات حتي وان كانت مؤقته , قدري لم يتاح لي معايشة هذه الطقوس - عشت دون اخوة حقيقيون – علمتني ايضاً قاسية الملامح ماذا يعني اقتسام الالم بين صديقين , علمتني ايضاً ان الصداقة عرض مرضي يمكن الشفاء منه ولكن الاخوة قدر ورابط مقدس يصعب التنصل منه او محاولة المفاضلة بينه وبين الصداقة .
جميلة : اسم وصفة لا تنطبقان الا علي صديقة وهبتني مشاعرها الصافية نحو استاذ اللغة العربية , اول درجات الرومانسية علي درب الحب الصافي الذي سجنته  لوقت طويل داخل صندوق مغلق لم اكن علي عجله من معايشة هذا الاحساس او ربما شغلني عنه الطموح والانطلاق من شرنقة الصف الدراسي الي متسع الجامعة , منحتني قصة حب جميلة لاستاذ اللغة العربية عطر جديد للحياة , اما دموعها التي دائما كنت اسعي لتجفيفها بعبارات مستهلكة لم اشعر بها الا بعد عدة سنوات عندما تقمصت دور العاشقة .
طائر النور : هذا الكائن الخرافي الذي لا وجود  له سوي بين صفحات الكتب الاسطورية , صديقتي والي الابد ان شاء الله , اعطتني مفاتيح ابواب لا تحصي , صديقتي تلك اكثر من قلبن حياتي من شرقها الي غربها .
  تبقي هاتان الصورتان الاتي جذبا ناظري في القريب , قد اسمي الاولي ,
المرأة الحكيمة : وهي دائماً كذلك , حكمتها تضاهي قدرة الرجال في الصبر علي كيد النساء , وفتنتها تعطينا دروس في الانوثة , تعلمت منها الا اثق في مكر الرجال , رغم رومانسيتها الطاغية علي حكتمها لكنها تتلقي لعنات الحب بشجاعة المقاتل في ارض المعركة .
نرجسية الحُسن : رغم اننا لم نكن يوماً صديقتان عن قرب لكن فضولي جعلني اتتبع قفزات تلك النرجسية بالغة الغرور , فوق قلوب معجبيها المساكين , التي تجذبهم مثل زهرة تفتح اوراقها لتستقبل ضوء الشمس لكنها تقبض علي انفاسهم فور سقوطهم علي اوراقها , اعرف تلك الزهرة الخبيثة التي تثير اشمئزازي وتضاعف قوتي كلما تذكرت قواعدها المذلة في الحب والحياة .

انتهت قائمتي  ولا ادري ان كان من الظلم الا اذكر رجلا واحدا قد يكون غير حياتي , ربما اكثر من يغير حياة النساء هم الرجال , لكنهم يغيروها غصباً دون اختيار ودائماً الي الاسوء مع الاعتذار لروح والدي رحمه الله , فهو اول من ساهم في تغيير حياتي ووضع صفاتي رهن الاختيار , علمني والدي ان اتقبل مخاطر الحرية وقيود المسئولية , علمني الا انحني الا لمن خلقني , علمني ايضاً قيمة الصمت وسط ضجيج الكلام .
علمني احد الرجال دون ان اسميه باسم او صفة او لقب يقترب من هيئته
علمني أن الرجال هم دوماً من يزرعون الياس في صدور النساء , ليأتي رجلا أخر ينتزعه بيده ويترك مكانه الاحباط
علمني احد الرجال كيف اتعثر به ولم يعلمني كيف انساه .
علمني احد الرجال ان لا صداقة بين الشرقي وامرأه .