كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الأحد، 1 أغسطس 2010

ايزابيل


 لماذا في مدينتنا نعيش الحب تهريبا وتزويرا
ونسرق من شقوق الباب موعدنا ونستعطي الرسائل والمشاويرا 
نزار قباني


شرقيتنا التي تتبني إخماد المشاعر وخصوصا عند المراة , تحرم عليها الانطلاق بمشاعرها البسيطة او الماكرة علي حد سواء
فما ان تحاول واحدة منهن التنصل من هذا الطوق الحديدي الذي نسجه المجتمع حولها وجمله بشريط من الحرير ,اسماه عادات شرقية
تقذف بوابل من رصاص الكلمات والنظرات والاتهامات التي تنهي علاقتها بمن حولها وتقضي علي اي دافع لها في التصدي والدفاع عن حقها الشرعي في التعبير عن مشاعرها ولو بمجرد كلمات
فيولد بداخلها الخوف والخجل المتزايد من مواجهة الأخر , وتلجأ الي الهروب من المواجهة والاستسلام المبكر والذي تتصف به الكثيرات 
وتسعي الانثي لارتداء هذه الصفات التي ترضي من حولها وتبرزها امرأه علي قدر بالغ من التهذب الذي يبصم عليه المجتمع ان هذا هو النموذج الامثل الذي يجب ان تتحلي به الاخريات
ودون ذلك هن جريئات , متمردات , متطرفات , وقحات , وربما عاهرات
الخوف من جنس أدم , علي الاكثر يولد عندنا بالفطرة ويتربي فينا تدريجياُ , فالام تخاف غضب زوجها وتسعي لارضائه وان لكمها كل صباح تعود ثانية تمسح حذائه
أما الاخت فترتدي حجابها وثيابها الطويل خشية بطش الاخ الاكبر لها وتمسح ما لطخته علي وجهها عند باب البيت خشية الصفعة المنتظرة
, أما الخوف من الوقوع في الخطأ , فيولده داخلنا تراكم ثقافة وتربية مجتمعنا الذي يدس لنا اكسير الخوف في الهواء , فأين المفر , اما الاختناق بالحرية او الاختناق بالخوف


ايزابيل
صعقتني حمي قراءة روايات صديقتي ايزابيل الليندي , منذ سنوات التقيتها لأول مرة وكانت ايزابيل ترتدي ثوب الز سوميز , تلك الفتاة التي تضرب اعظم مثل عن مفهوم كينونة المرأة , ولا ابالغ لو ادعيت انها كانت اشد من انواع عديدة من الرجال في رحلة لا منتهية نحو ارض السراب
قابلتها مرة اخري وكانت هذه المرة تستكمل الرحلة ولكن بداخل رداء اورورا التي خرجت من برواز صور عتيق متهالك تستكمل رواية قصص اجدادها نحو ارض السراب
عدت مرة اخري الي معشوقتي التشيلية فعادة كانت تصدمني بما تنثره علي بسطورها وسطوتها في امتلاك قدرة غير عادية علي تحويلي لاحدي بطلات رواياتها
لكن هذه المرة عادت لتروي لي مأساة رحلة لن تعود منها بإبتسامتها الملائكية بعدما فقدت جناحها الايمن , ابنتها باولا , ولكن الي جانب هذه الفاجعة التي قد تفتك بعزيمة اي ام لاستكمال حياتها بشكل طبيعي
عادت ايزابيل بقوة لا تضاهيها قوة محارب في ارض المعركة , استكملت الحديث عن حياتها المليئة بمغامرات فتاة اسطورية , لا يمكن تخيل وجودها في الواقع
ربما في واقعنا الشرقي , الذي يحرم حتي الاعتراف بالخطايا , فما بالنا ان كان الانسان لا يري في خطاه خطأ , بل مزاجية دفعته الي الاعتداد بحرية غير مشروطة
صدمتني الجرئة الا محدودة والا مخجلة التي روت بها ايزابيل مغامراتها مع الرجال , وخياناتها الزوجية لوالد ابنائها , في شموخ لا ادري ابعادة ولا مبرراته , تروي اشهر كاتبات العالم الجديد علي قراءها دون خجل ولا خوف تفاصيل حياتها التي قد لا تعجب ولا ترضي البعض
اذا فالخوف الذي يكمن في نساء شرقنا هو مجرد احساس مكتسب , زجه داخلنا مجتمعنا القائم علي القوة الذكورية التي ترهب قدرتنا حتي علي الأعتراف اننا نحب
فما اقسي ان تعترف امرأه بكل هذه الاحداث أمام ملايين البشر من مختلف الثقافات بكل فخر دون مواربة او خجل ,
ايزابيل , منحتني تفاصيل حياتها المتشعبة قوة كبيرة للتحرر من هذا الخوف , اطوق ان امنح مثيلها لكل نساء الأرض

طفولة

أحب هذه الصورة كثيراُ , أشعر فيها ببراءة تستطيع ان تخمد إجتياح العمر الثقيل علي كاهلي
تبرز من ملامحها طفلة تشبهني , وتظل تعبث بمخيلتي حتي تفقدني السيطرة علي وقاري , فأتمادي معها في استيعاب معني الذكري بالنسبة للانسان
الذكري لا تتلاشي مع الوقت ولا تبقي في مخزن افكارنا في جانب مظلم ,
احيانا تكون ذكري مؤلمة أو حزينة ,واحيانا اخري تكون سعيدة لا يشوبها غبار التعقل الذي يجتاحنا فيما بعد ويقلل من متعتنا ببراءة الحياة
 برغم تفاوت المشاعر التي تدسها ذكري الطفولة بين جنباتنا بخباثة رائعة وناعمة تجعلها خالدة الي الأمد البعيد
تبقي ظهر لنا يحمينا كلما لعبت بنا رياح الصبا والشباب وتغير افكارنا وتطرف افعالنا وتبدد اخلاقنا وعثرات مشاعرنا المتتالية
فهي عند البعض , بل عند الجميع محطة يقف عندها الانسان منحنياً لابتسامة إجبارية ترسم علي شفاهه كلما تطلع الي صورته الصبيانية التي يطل بها من مرحلة ملائكية , تفرض فيها الحرية نفسها علي جميع تصرفاته
فالحرية التي نتمتع بها في طفولتنا تفوق الحرية التي قد نكتسبها في صبانا , اي بعدما ننضج و تتكون شخصياتنا وافكارنا واتجاهاتنا , ونستميل الي وجهه محددة , تكون بحد ذاتها شرنقة نتقولب فيها بارادتنا وايماننا الكامل بها
اما حرية الطفولة فهي انطلاق دون فكر او رأي او مذهب , الحرية للحرية فقط

كلمات

احيانا تسيطر علينا أفكار ومشاعر تحاول البحث عن طريق تتحرر منه 
تنمو او تموت , تطير او تختنق , تتجدد او تتلاشي , لا يهم ماذا سيكون مصيرها
المهم ان تخرج من عنق كادت تخنقه الكلمات التي لا تقال والتي تحولت الي هاجس كبلها عن ممارسة ابسط طقوس الحياة
احيانا لا تكمن القيمة في الكلمات قدرما تكمن في المشاعر