كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

أصابع لوليتا ،،



أصابع لوليتا ،،
واسيني الأعرج ،،

-1-
كنت أقضم آخر أوراق السنة الستين، وكانت رذاذ تفتح هدايا السنة العشرين.
-2-
لو...لي... تا....
كان يمكن لهذه الأصابع أن تكون أصابع أحلي عازفة بيانو في المدينة، ولكن شيئا ما حدث في لحظة هاربة تهدم فيها كل شيء ونشأ مكانها شيء آخر. أصابع رقيقة، طويلة وناعمة نعومة الحلوي الشباكية التي كنا نأكلها صغارا ونتباهي بألوانها الكثيرة. عندما كبرت هددوني بالأمراض الخطيرة، ولكني ظللت آكلها خفية عن الصغار. أستمتع بمصها قبل أن أستمتع بصوت هرشها تحت أسناني.
لو... لي... تا...
ثلاث مقاطع من امرأة واحدة، متعددة لا توجد إلا علي ورق الكتب الممنوعة. كانت لوليتا مغرية كمومس محترفة، وعذراء كمريم، ملاك كامل في الهالة المدهشة التي تحيط بشعرها الأشقر، وشيطان يعرف خفايا الأشياء المؤذية. كلامها فيه من براءة الملائكة وعنف الشياطين ومغريات التائهين. تربية القصور، ونشأة بنت الزنقة. فيها من دفء مريم، وعبث راسبوتين، ويأس كارنين وبراءة ليلي. وجهان في وجه واحد.
هل كانت حقيقة أم أنا من صنعها في ذلك اليوم البارد في معرض فرنكفورت للكتب؟ قطعة قطعة، كلمة كلمة، إحساسا إحساسا؟ ولم تكن في النهاية أكثر من وهم لغوي منفلت من أي ملمس أو حياة أو حقيقة ملموسة.
مرت كلمح البصر، اشتعلت فجأة، وما كدت أرفع رأسي، انطفأت كخيط من البرق في أفق غائم. عندما مددت كفي نحوها، انزلقت أصابعها الرقيقة من يدي ثم انطفأت في كومة كثيفة من الضباب.
للمرة الأخيرة عندما وقفت علي شرفة النافذة، لم أصدق أنها كانت هي، تلك الطفلة العنيدة التي لا شي يشغلها في الظاهر؟ مجرد امرأة من السليكون والبلاستيك، كما كانت تسمي نفسها، دمية محشوة بالكذب والدعاية؟ ذات الوجه المنقوش ببقايا الجدري، وبالحَب والبثور والنفط الذي تغطيه بالكاد المساحيق الثقيلة. طبعا كانت تكذب لأنها تعرف مسبقا أنها كانت جميلة بشكل مدهش. قطعة من الجنة. لا يمكنها أن تمر بدون أن يتوقف عندها قليلا من يراها للمرة الأولي كأنه يتأمل لوحة يكتشف أسرارها للمرة الأولي، قبل أن يلتفت نحو شؤونه اليومية أو تسحبه وراءها امرأة ثقيلة الدم وهي تشتم:
- أووووووف؟؟؟ دمية تشبه الكذبة؟
تلتفت نحوها. تفكر أن تسمعها كلاما ثقيلا، ولكنها سرعان ما تهز رأسها، وتواصل سيرها.
« - المشكلة أنها ليست الوحيدة. معذورة. برميل مدور؟ كيف يستطيع الرجال أن يناموا مع نساء تشبهن الخنازير؟ ولا يهمك أعرف أن مثل هذا كلام يقوله المثقفون أيضا. كل يصادفه وجهي الطفولي بالصدفة، لا يفكر في أنه ينظر إلي لموناليزا أو وجه أم إيسياخم المكسور كمرآة، ولكنه ينظر إلي قحبة جميلة يتخيلها في فراشه قبل أي شيء آخر. عند بشرنا غياب كلي لهذه الحاسة التي تجعلهم يبتعدون قليلا ويعجبون بما يرونه وينسحبون متذكرين لوحة رأوها بدهشة وعطرا جميلا وملمحا نادرا من وجه الله. لا أنفخ نفسي ولكن الناس هكذا، ضحايا لغرائز لم يهذبوها.
- تعميم غير صحيح.
- لا تفكر هكذا حبيبي، أخاف عليك من أن تكون بالفعل قد أخطأت طريقك في امرأة هي في النهاية مجرد وهم يصعب عليك القبض عليه؟
- تعطيني الانطباع كأنك جئت من كوكب آخر غير الأرض؟
- لأنك لم تتعود علي امرأة يقينها في يومها فقط. «
شيء ما يزال ماثلا أمامي عندما وقفت آخر مرة عند النافذة. رأت البحر بكل امتداده المدهش، كأنه كان قريبا من عينيها، يدخل دفعة واحدة نحو البيت. تمتمت ببعض الكلمات لم أفهمها جيدا. تعودت عليها عندما تكون في قمة دهشتها أو غضبها. كانت وهي تعطيني بظهرها تشبه لوحة لسالفادور دالي التي جسد فيها أخته وهي تنظر نحو فراغ المدينة من نافذة واسعة. كان يعجبها هذا التشبيه كثيرا كلما قلته لها عندما تقف في مواجهة البحر من شرفة البيت. عندما شعرت بأنفاسي وراءها، أخذت يدي برؤوس أصابعها، ثم لفتهما علي خصرها. سرحت بهما علي جسدها قبل أن تتبعثر أصابعي علي نهديها الطفوليين، وتغمض عينيها وتلتصق بي بظهرها ويخترقني بقوة عطرها الدافئ الذي لم أشمه أبدا علي جسد امرأة أخري. عطر يشبه رائحة الفجر القروي قبل أن تخترق أشعة الشمس الأولي أعالي الجبال.
تمتم مغمضة العينين، داخل دوار اللذة.
« - أشتهي وضعية الالتصاق بك بظهري، لأنها تمنحني إحساسا غريبا بالحرية عكس المواجهة التي كثيرا ما تعطيني الإحساس بالانقباض والسجن والاختناق. »
عندما التفتت نحوي رأيت عينيها للمرة الأولي منذ زمن طويل. كانتا مشتعلتين كعيني حيوان منكسر. لاحظت أنهما لم تفقدا شيئا من ألقهما علي الرغم من جرح اللحظة الأخيرة.
- هل يمكنك حبيبي أن تقدم لي خدمة قبل أن أنسحب نهائيا من حياتك؟
- اطلبي.
خرجت من فمي باردة كقطعة ثلج. في أعماقي كنت أكابر اللحظة الأخيرة. كمجنون يحسب حبات المطر ويكرر في رتابة لا متناهية كما كنا نفعل في صغرنا مع زهر الأقحوان: تحبني؟ ما تحبنيش؟ تحبني؟ ما تحبنيش...
- لا تقل عمري ارجعي؟ لا أريد أن ارجع لك علي الرغم من أني أحبك موت. فأنت تشبه أبي في النهاية. هربت منه فوجدتني بين أحضانه. تعرف ما هو الفرق بينكما؟
- لا، أبدا
استغربت لأني لم أتعود علي الاقتصاد في الكلام بهذا الشكل الغريب؟
- أنت منحتني الفراش حبيبي، وهو منحني الحنان. لا أريد منك شيئا، سوي أن تسمعني فقط؟ أريد أن أعزف لك شيئا ربما تكون قد نسيته. عزفته لك في الليلة الأولي من لقائنا، وها أنا ذي أعزفه لك في ليلتنا الأخيرة.
- أسمعك.
- ليس هذا فقط، وأن تغمض عينيك وأن لا تفتحهما إلا بإذني.
شعرت بثقل طلباتها وبشيء من الثقل في كامل جسدي. كانت كمن يحضر لموت قادم؟ خرجت الكلمة الأخيرة مني بصعوبة. كانت تقرأ كل شيء في عيني.
- شايف الفرق حبيبي بيني وبينك؟ ليس السن كما تعتقد؟ أنت كبرت في كذبة الكبرياء وأنا علي حواف الخوف والجنون، علي حد مشرط الحياة. بإمكانك أن تبكي عمري وتحرر نفسك من قوة البركان الذي يأكلك من الداخل. لا علينا.
- طيب.
انكفأتْ علي البيانو القديم الذي ورثه الأهل من أحد المعمرين نقش اسمه علي جانبه الأيسر علي قطعة نحاسية حمراء: موريس ليفي. وتاريخ غامض لا أعرف إذا كان تاريخ شراء البيانو أو تاريخ البيانو نفسه: بيانو 1895. بهذا البيانو عزف نشيد الانتصار عندما صدر قانون كريميو ليلة كاملة في كنيس المدينة في وهران. وبه عزف نشيد انتصار الحلفاء في السهرة التي أقيمت علي حافة الميناء، مع بعض البحارة الأمريكان.
مدت أصابعها الطويلة، إلي الجهاز وبدأت تعزف. عندما التفتت نحوي رأيت للمرة الأخيرة، بريقا غريبا في عينيها مليئا بالاستعطاف والحب والخوف وبعض الدموع التي لمعت تحت ضوء اللمبة الهارب من زوايا البيت.
- سألتني يا مهبول إن كنت مازلت أحبك؟ اسمع...
شايف البحر شو كبير...
بكبر البحر بحبك....
أغمضت عيني خوف السقوط والموت المبكر. ما يزال في جسدي جنون كثير لم أخرجه معها. لقد أسقطت سنواتها العشرون كل الأقنعة التي تحولت في الأعماق، علي مدار الستين سنة التي أكلت كل شيء، إلا ذلك اللهب الجميل الذي رفض دائما أن يستسلم للموت السهل ولغبار الزمن.
أغمضت عيني مرة أخري لكي لا أري شيئا إلا وجهها الذي يصعب القبض عليه، والبحر الذي اندفع بقوة نحو قلبي الذي كان يستعيد دقاته واحدة واحدة، التي تبعثرت في كل اتجاه كحبات المطر التي كانت تتكسر بعنف علي زجاج الشرفة. لم أكن أمام كائن عادي، ولكن أمام امرأة قاتلة ومدمرة.
ما أصغر الدمعة،
أنا دمعة ف دربك.
بدي أندر شمعة، وتخليني أحبك.
شايف البحر شو كبير...
ثم غفوت بعيدا نحو فراغ بملايين الألوان الساحرة. صوتها لم يتوقف. كان يأتيني قويا وشاقا وجارحا. نوتات البيانو تزداد نعومة وتلاشيا. كانت رذاذ تنغرس في القلب أكثر من أي وقت مضي. تساءلت في غفوتي: لماذا سرقتُ اسمها ومنحتُها اسما قاتلا؟ لو... لي... تا...
عندما استيقظتُ كانت رذاذ قد تلاشت نهائيا.
-3-
كل ما حدث مر بسرعة.
فجأة تحولت فرانكفورت، في ذلك الربيع المدهش، إلي ورق معطر وكتب وأغلفة ملونة، وأوراق دعاية جميلة. كنت أوقع روايتي الأخيرة: الحافة، في معرض الكتاب، بجانبي مترجمتي إلي الألمانية. من حين لآخر نتبادل نكتا باردة قبل أن تسخن مع بداية نزول الظلمة، ومطر مارس الدافئ والمفاجئ. طلبت من الناشرة أن تلملم ما تبقي من نسخ، واستعدينا للنزول إلي نزل مارتيم Martim Hotel الذي كنت أقيم فيه، وشرب بيرة أو كأس روم يعيد بعضا من حنين اللحظة، وحرارة الجسد المنكسر.
فجأة خرجت من بين الجموع المتراصة التي تتهيأ للمغادرة، وكأنها شخصية سينمائية أو خرجت من بين أوراق كتاب مفقود. لم تكن تحمل في يدها سوي زهرة واحدة لونها غريب، أراه للمرة الأولي. لون بنفسجي. وردة بنفسجية؟ ظننتها متجهة لشخص ورائي، ولكن لم تكن ورائي إلا ستائر الدعاية التي كان يغلب عليها اللون الأحمر. لمحت ابتسامتها العريضة من بعيد، مشرقة، وضحكتها مشعة بأسنان لا يوجد بها أي انكسار أو اعوجاج. كأنها خرجت للتو من مجلة يلمع بريقها من بعيد. وضعت الزهرة علي الطاولة وقالت: هل تسمح؟ لم تنتظر إجابتي. قبلت يدي. ثم وضعت الزهرة في كفي. ضحكت قليلا. وأنا أتساءل هل هذه عادة الألمان؟
بقيت لحظات مسمرا في مكاني من دهشة ملامحها المتقنة.
- اعذرني سيدي. أقسمت مع نفسي أن أقبل اليد التي كتبت الحافة، فقط لأقول لها شكرا علي كل شيء. هذه المرة أشتري ترجمة لن أقراها أبدا، لأن معرفتي بالألمانية محدودة، ولكني قرأتها بالعربية والفرنسية وشعرت كأني كنت معنية بما كنت تقوله.
لا أدري لماذا شعرت بها قريبة مني ولا تشبه أي قارئ من قرائي؟
- شكرا. سعيد بك وبحضورك. يحدث معي أن أشتري طبعات كثيرة في لغات لا أعرفها، لا أقراها أبدا ولكنها تظل تحفر في بعطرها حتي تقربني من سحر ما؟
مع ذلك، لم يكن فيها شيء يوحي بأنها قادمة من الجهة الأخري من المتوسط. كأنها خرجت من كتاب. أضفت وأنا مندهش في علامات وجهها وحركاتها الطفولية؟ لم أمنع نفسي من التساؤل الغريب الذي انتابني في لحظات هاربة وأنا أكتشف اتساع عينيها: هل أعرفها؟ أين رأيتها؟ أين صادفتها... في السينما؟ في كتاب؟ في شارع خلفي؟ لم تكن غريبة عني.
أخذت رواية الحافة بين يديها، ثم ألصقتها علي صدرها:
- هذه نسختي، وأنا هنا من أجلها.
- غريب؟ هل التقينا قبل الآن؟ لست غريبة؟ وجهك...
حاولت أن أتذكر ولكني لم أفلح. قسماتها كانت بصفاء مدهش. في اللحظة التي سحبت فيها قلمي للتوقيع علي الرواية، تراجعت قليلا علي الوراء محتضنة الرواية كما في المرة الأولي:
- لا. قلت لك هذه روايتي. ليس الآن. أريد أن يكون إهدائي خاصا.
خبأت دهشتي بصعوبة.
- طيب. يمكنني طبعا أن أوقعه الآن وأجد لك الكلمات المناسبة.
ولكنها تشبثت بالكتاب نفسه كمن يقبض علي شيء يخاف أن يضيع منه:
- الحميمة تعني أنك ستوقعه لي في وقت آخر، الوقت الذي أقترحه عليك. ألا يقول التجار إن الزبون سيد؟ أنا سيدة الآن هاهاهاهاه. لا عمري أعرف الآلية التي تصاب بها وأن تضع علاماتك علي النسخ المتشابهة. هذه النسخة تشبهني. أنا وحدي.
نسيت أن أسالها عن اسمها. اندهشت من غرابة ما كانت تقوم به، ولكنه كان جميلا لشابة افترضتُ أن عمرها لا يتجاوز العشرين.
- متي ستعود إلي باريس.
- غدا. بعد الظهر.
- أنا هناك لمدة شهر. في كريستال هوتيل.
ثم دفعت ثمن الكتاب خرجت. ظللت منهمكا في حركتها وأنا مازلت أفكر: أين رأيتها؟
عندما التفتت قبل أن تنغمس في أمواج البشر المغادرين للمعرض التفتت نحوي كأنها فعلت ذلك لأحفظ للمرة الأخيرة كل قسماتها. لمعت في ذهني صورتها. تذكرت فجأة من هي؟ أو هكذا خيل لي؟ صرخت بالرغم مني:
لوليتا...
استغربت أنها لم ترد علي حتي عندما رفعت صوتي عاليا مما جعل الكثيرين يلتفتون نحوي. ربما لم تفهم أنها هي المقصودة بالاسم.
لو... لي... تا
ناديتها في المرة الثانية مقطعة، ضاغطا علي الحروف، قبل أن أنتبه إلي أني كنت أصرخ وراء امرأة ورقية تنام في عمق كتاب.
تابعتها يعيني طفل يتيم وهي تغيب بين ناس المعرض المتداخلين. ضاعت فجأة في عمق الكتب، ربما عادت إلي وضعها الأصلي امرأة الكتاب ليس أكثر. لوليتا نابوكوف. حاولت عبثا أن أنساها والتفت نحو كاترين. كأس الروم التي شربتها في بار المارتيم، أشعلت بسرعة داخلي، فأيقظتها في من جديد. لم أعرف ماذا حصل لي؟ التمزق الذي يمكن أن تحدثه امرأة غريبة، كان كبيرا وقاسيا. بدأت أعود نحو كاترين شيئا فشيئا. لكن المطر الدافئ وعطرها المجنون، ونظراتها الصافية والخجولة، أعادوني نحوها.
كنت وأنا وكاترين نبحث عن أجمل حيلة لنبيت مع بعض. كان نزلها بعيدا عن نزلي، فهي أتت من كولون حيث تقيم، بكل أناقتها وثقل بورجوازيتها وخجلها. افترقت مع صديقها منذ شهرين، بينما كانت تعرف أني أضربت عن الزواج لأظل شابا أعزب، يحمل علي ظهره ثقل ستين سنة، لا شيء يهمه إلا ما يملأ قلبه دفئا. ما يشعل حواسه التي تأبي الموت، يشعل ما تبقي فيه من جاذبية لا يعرف سرها. ربما الإحساس بالأمان الذي يورثه لدي جليسه كما تقوله له كاترين دائما في عزلتهما عندما يتعبان من عمل الترجمة.
لم أكن في حاجة إلي إقناع كاترين، ولم تكن في حاجة أيضا لإقناعي، فقد كانت فسحة الكؤوس المتتالية، كافية لأن تعيدنا إلي دفء أجسادنا. لأول مرة أنام مع كاترين، ولأول مرة أخونها بلا تردد. فقد كان شبح لوليتا اللذيذ بيننا. أعتقد أني في تلك الليلة بت مع لوليتا، ولهذا كانت جميلة حتي بالنسبة لكاترين التي لم تمنعها سنواتها الأربعون من أن تكون امرأة كاملة وجميلة وممتلئة بالأشواق. عندما نامت علي صدري وهي مستلقية بلذة، قالت:
- شكرا حبيبي، كنت بحاجة ماسة إلي ذلك.
- وأنا أيضا
قلتها بعفوية وربما بآلية. صمتت قليلا وهي تعبث بشعيرات صدري.
- يبدو أنها سمعتك ولم ترد؟
- من؟ لم أفهم.
- لوليتا؟ ناديتها بأعلي صوتك. سمعك الجميع إلا هي.
- ليسمها؟ كمن مهبولا. في لحظة من اللحظات كان الشبه بينها وبين لوليتا كبيرا.
- لكنها كانت تعرف أنك أنت من كان يناديها. قد يكون ذلك جزءا من لعبة الإغواء؟ مثل لوليتا بالفعل، تجد لذة كبيرة في تركك معلقا معلقا في الهواء. أصعب عقوبة لرجل مثلك أن يظل معلقا بين غصنين ناعمين؟ أوهامه وجنونه.
- نسيتها.
تمددت أكثر علي جسدي، ثم مسحت علي رأسي بدفئها المعهود. وضعت أصابعها علي فمي قبل أن تتمتم مخترقة عيني بخزرتها الزرقاء.
- لا حبيبي. لا تشغل بالك. لا شيء يجبرك علي الكذب. هي في بؤبؤ عينيك. الصدفة أحيانا تكون قاسية... ربما قاتلة؟
كلام كاترين عراني عن آخري. إضافة عن خيانتي لها إذ كانت لوليتا هي كل شيء في حرارتها، كنت أحاول أن أكذب عليها. وكاترين تحتي، بجانبي وفوقي، وهي تتنهد وأنفاسها تتقطع لم أر شخصا آخر سوي لو... لي... تا؟ وأنا أتمتم في أذنيها بأحلي الكلمات التي كانت تأتيني أصداؤها الجميلة من قلب كاترين، لم أكن أسمع إلا لو... لي... تا؟
ذبلت فجأة نظرة كاترين الزرقاء الناعمة. هل قالت شيئا قبل أن تغمض عينيها للمرة الأخيرة قبل أن تنسحب فجرا علي أصابع رجليها وتركب قطار كولون؟ لا أدري. بدا لي أني سمعتها مرة أخري وهي تغمغم قبل أن أنام علي وجه لوليتا الناعم كفجر ربيعي هارب.
- الصدفة أحيانا تكون قاسية... ربما قاتلة؟
فصل من رواية جديدة