كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

السبت، 20 نوفمبر 2010

جدال


دائما انا وكلماته علي خلاف دائم , كلما حاولت ان اقرب المسافات بيني وبينها انهالت علي بقسوتها التي تقسم لنا الطريق نصفين
اذاً مازلنا منقسمين الي نصفين , الي طريقين , الي شخصين , في هذه الحالة يمكن ان نسمح للاختلاف ان يسود حديثنا
وحدها كلماته تفتح لي مجالا للحوار بينها وبين افكاري , وان لم اكن دائما علي موعد مع مصادقتها لكني ايضا لست ضدها
وحدها تثير في الحنين الي الكتابة , تستفزني كي أجادلها فيما نختلف , وكأن رغبتي في الكتابة لا تشتعل دون أن تثيرها شهوة الجدال
أتأمل مجموعة من الصور دفنها تحت وسادته , طبعها حديث عينيه للنساء الجميلات والحمقاوات , وان كانت جميعها احاديث جامدة , لا تثير شهوة الاعجاب , زرعها علي رأس هذا الدفتر مضطرب السطور , كما هي مشاعره , صفحات هذا الدفتر تتحدي بعضها البعض وجها لوجه , هذه الصفحة شقراء , اما تلك فعلي وجهها تسكن ابتسامه مزيفة , والصفحة التالية والتالية , جميعها أوراق صماء متحجرة ينبعث من بين أسطرها رائحة متعفنة , قد تكون بفعل تحلل الذكريات التي سجنت فيها لسنوات
تاريخ مضي لهذا العمر وملامح مازالت تمضي لهذا الوجه المقابل لكل تدوينة كتبها صاحب الدفتر أسفل كل صورة كي يحفظ بها ذاكرة عنفوان مغامراته مع السيدات ,
سيدتي , كان دائما يناديني سيدتي , وهي من ارقي تعابير اللغة وصفاً لوقار النساء , وجمالهن وفطنتهن , وربما ذكائهن , أما بمنطق صاحب الدفتر , تجردت " سيدتي " من رداء الوقار واكتست برداء شهريار
سيدتي تخليت عنها مثلما تخلت هي عن دلالاتها ودلالها , استبدلتها برداء أخر أكثر سمو , صديقتي ,  أهدتني ردائها وقد علمتني شيء من مكرها شيئاً من خرافاتها , علمتني كيف أنثر الاوراق وأفسرها  , علمتني كيف أغازل الاقدار ,علمتني كيف أناجي اعوان خيالي وأسخرهم لطاعتي , علمتني كيف أجبر الماضي ان يستعيد عظامه , علمتني كيف اقراء ما لم يكتبه القدر , علمتني كيف أكشف أوراق الزمن ,علمتني كيف أغش نجاح البسمة
وضعت الصور التي بيدي واحدة بجوار الاخري , عمر بجوار عمر , قصة بجوار قصة , الم بجوار الم , ثم استحضرت شيطان احساسي كي يدلني علي الصورة الذهبية فيما بينهم
ايهما كانت الأهم , أيهما كانت الأعظم في القلب , أيهما لم تجرد من ذكرياتها بعد , أيهما هي سيدة الصور .
التقطت اصابعي بعشوائية المشاعر احداهن , لست علي يقين هل أصبت , هل تلك هي السيدة صاحبة البرواز الذهبي وسط تعفن الذاكرة ,  ام انها مجرد لعبة طائشة وما ابحث عنه مازال تائه وسط  هؤلاء الشقراوات , بيض العيون , محتالي اللسان , فهو دائما يعيش بين إمرأتين , بطل لحكايتين , راوي لقصتين
وضعت الصورة بجوار عنوان وصفها الذي بدأت أجادله , " حبيبتي سابقاً"
سألتها  كيف لك ان تكوني سابقة وانتي مازلتي سجينة في هذا الدفتر ؟!
أجابت : وما ادراكي اني سجينة ؟
قلت : اذا كيف انتي هنا ؟
أجابت : انا سيدة الذاكرة , وانت !
قلت : دعك مني , فأنا لست من حراس هذا الدفتر !
قالت : ولن تكوني فيه مثلي ذكري متعفنة !
قلت : اذا انتي سيدة الصور ؟
قالت : بل انا سيدة الذاكرة !
قلت: وما الفرق !
قالت : الذاكرة عادة ما تحتال علي الصور فتمحيها تدمر واقعها , وتبقي هي متفردة , مشوشة دون ملامح , ثم  تبدلها, ترسمها , تخلقها  كيفما تشاء , تدرجها حسب شهواتها , حسب خيالاتها , حسب رغباتها , حسب صدقها
قلت : نعم , الذكري تاج المشاعر  , وقد تكون قبره ايضاً , إذاً في ماذا نختلف ؟