كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الخميس، 17 فبراير 2011

الي من علمني معني الحياة



صفحة بيضاء , ذاك هو الانسان يوم مولده تمر ساعات وايام عمره وفق ما يسطره الزمن فوق هذه الصفحة البيضاء التي قد تظل بيضاء المعني او انها تتلون حسب ما يتركه غبار الزمن فوق أسطرها
احيانا يختار الانسان وصف وهيئة ومضمون الخطاب الذي يكتبه من حوله فوق صفحته البيضاء واحيانا تسلب منه ارادته طوعاً اوغصباً لكنه في النهاية يعطي مساحة كبيرة لبصمات الاخرين ان تلتصق به الي ارذل العمر
وان كانت اول مراحل العمر اي مرحلة الطفولة من اكثر الصفحات صعوبة في محو ما سطر عليها لسنوات , فالبعض يسميها مرحلة تأسيسية لشخصية الانسان التي تشكل مع الوقت بنيانه العقلي والجسدي والروحي ايضاُ وتتضاعف خطورتها مقارنة بمراحل عمر الانسان التالية في ان هذه الحقبة العمرية تتنكر من ارادة الاختيار الذي تعطي الانسان صفة الانسانية وتحديد وجهته التي  قد تقبلها قناعاته او ترفضها , لكن الطفولة بأي حال مرحلة تفرض علي الجميع اختياراتها من منطلق الوصاية  حتي ينضج العقل وتزداد مساحة الوعي والمعرفة والادراك لديه وتتفتح به قوي معينه تساعدة علي عملية الاختيار فيما قد يفرض عليه من الاخر .
واهم هو من يدرك ان الانسان الضعيف من يستقي شخصيته من صفات من حوله , اذا اعتبرنا ان الانسان الخامد هو من يقبل بمن خط صفحته البيضاء في طفولته مسلوبة القرار , دون اي محاولة منه في مرحلة اكثر تقدماً ان يحاور ويناقش صفاته ويعيد الاختيار بعدما اكتمل وعيه ,ذاك هو الانسان القانع دائماَ بما لديه من ذاكره محدودة وقوة ذوبان معدومة في الحياة , اما الشخصية التي احيانا يصفها الناس بالضعيفة التي تستقي ممن حولها صفات لم تعتاد علي مواجهتها ولم يخطها في طفولتها احد فوق صفحاتها , انا انعتها بالموج الهاديء الذي يغطي جوف بركان يجهل تحديد مساره لكنه يتمدد الي ان يصل لسطح شاهق فتأتي رياح تعصف به الي غير وجهته فتتغير كل جغرافية المكان ويتحول الي انسان جديد يدرك مع الوقت قيمة الاختيار الذي هو جوهر الحرية , وهناك نوع اخر من البشر غير مستكين لا ينتظر الريح تعصف بهدوئه الحذر لكنه هو من يسعي وراء ايجاد تفسير لتكوينه الذي لم يختار منه شيئاَ سوي انه قرر الان ان يختار .
الي كل من علمني معني من معاني الحياة , القي تحياتي بعدما تمكنت من احكام قبضتي علي عنق الاختيار , اخترت لهن اسماء تتقارب مع صفاتهن .
لامعة العيون : صديقة الطفولة زميلة المقعد الابتدائي , اول امرأه - وعذراً كانت بعمر السابعة لكني دائماً كنت أراها أمرأه شامخة – اول امرأه علمتني ان جمال المرأه في بسمتها ورقتها في صمتها .
 قاسية الملامح : علمتني زميلة المراهقة بعمر الرابعة عشر حتي نهاية الجامعة , كيف تكون مشاعر الاخوات حتي وان كانت مؤقته , قدري لم يتاح لي معايشة هذه الطقوس - عشت دون اخوة حقيقيون – علمتني ايضاً قاسية الملامح ماذا يعني اقتسام الالم بين صديقين , علمتني ايضاً ان الصداقة عرض مرضي يمكن الشفاء منه ولكن الاخوة قدر ورابط مقدس يصعب التنصل منه او محاولة المفاضلة بينه وبين الصداقة .
جميلة : اسم وصفة لا تنطبقان الا علي صديقة وهبتني مشاعرها الصافية نحو استاذ اللغة العربية , اول درجات الرومانسية علي درب الحب الصافي الذي سجنته  لوقت طويل داخل صندوق مغلق لم اكن علي عجله من معايشة هذا الاحساس او ربما شغلني عنه الطموح والانطلاق من شرنقة الصف الدراسي الي متسع الجامعة , منحتني قصة حب جميلة لاستاذ اللغة العربية عطر جديد للحياة , اما دموعها التي دائما كنت اسعي لتجفيفها بعبارات مستهلكة لم اشعر بها الا بعد عدة سنوات عندما تقمصت دور العاشقة .
طائر النور : هذا الكائن الخرافي الذي لا وجود  له سوي بين صفحات الكتب الاسطورية , صديقتي والي الابد ان شاء الله , اعطتني مفاتيح ابواب لا تحصي , صديقتي تلك اكثر من قلبن حياتي من شرقها الي غربها .
  تبقي هاتان الصورتان الاتي جذبا ناظري في القريب , قد اسمي الاولي ,
المرأة الحكيمة : وهي دائماً كذلك , حكمتها تضاهي قدرة الرجال في الصبر علي كيد النساء , وفتنتها تعطينا دروس في الانوثة , تعلمت منها الا اثق في مكر الرجال , رغم رومانسيتها الطاغية علي حكتمها لكنها تتلقي لعنات الحب بشجاعة المقاتل في ارض المعركة .
نرجسية الحُسن : رغم اننا لم نكن يوماً صديقتان عن قرب لكن فضولي جعلني اتتبع قفزات تلك النرجسية بالغة الغرور , فوق قلوب معجبيها المساكين , التي تجذبهم مثل زهرة تفتح اوراقها لتستقبل ضوء الشمس لكنها تقبض علي انفاسهم فور سقوطهم علي اوراقها , اعرف تلك الزهرة الخبيثة التي تثير اشمئزازي وتضاعف قوتي كلما تذكرت قواعدها المذلة في الحب والحياة .

انتهت قائمتي  ولا ادري ان كان من الظلم الا اذكر رجلا واحدا قد يكون غير حياتي , ربما اكثر من يغير حياة النساء هم الرجال , لكنهم يغيروها غصباً دون اختيار ودائماً الي الاسوء مع الاعتذار لروح والدي رحمه الله , فهو اول من ساهم في تغيير حياتي ووضع صفاتي رهن الاختيار , علمني والدي ان اتقبل مخاطر الحرية وقيود المسئولية , علمني الا انحني الا لمن خلقني , علمني ايضاً قيمة الصمت وسط ضجيج الكلام .
علمني احد الرجال دون ان اسميه باسم او صفة او لقب يقترب من هيئته
علمني أن الرجال هم دوماً من يزرعون الياس في صدور النساء , ليأتي رجلا أخر ينتزعه بيده ويترك مكانه الاحباط
علمني احد الرجال كيف اتعثر به ولم يعلمني كيف انساه .
علمني احد الرجال ان لا صداقة بين الشرقي وامرأه .





الأحد، 13 فبراير 2011

الآرض قد عادت لنا



فاروق جويدة
 

من الفلاح الفصيح‏..‏ إلي فرعون مصر ياسيدي الفرعون‏..‏ هل شاهدت أحزان المدينه الناس تصرخ من كهوف الظلم‏..‏ والأيام موحشة حزينه ومواكب الكهان تنهب في بلاطك‏..‏ والخراب يدق أرجاء السفينه والموت يرسم بالسواد زمانك الموبوء‏.

والأحلام جاحدة‏..‏ ضنينه
في كل بيت صرخة
وعلي وجوه الراحلين تطل أنات دفينه
والجوع وحش كاسر
كالنار يلتهم الصغار‏..‏ ويستبيح الناس‏..‏
يعصف بالقلوب المستكينه
وقصورك السوداء يسكنها الفساد‏..‏
وصرخة الشرفاء‏..‏
بين يديك عاجزة سجينه
الناس في الزمن الكئيب
تحب طعم الظلم‏..‏ تأنس للهوان‏..‏
وتحتمي بالموت‏..‏ تسكرها الضغينه
الشعب بين يديك ضاق بنفسه
كره الحياة‏..‏ ومل دنياه الحزينه
‏<<<‏
ياسيدي الفرعون‏..‏
شعبك ضائع في الليل
يخشي أن ينام
في الجوع لا أحد ينام
في الخوف لا أحد ينام
في الحزن لا أحد ينام
من لم يمت في السجن قهرا
مات في صخب الزحام
حتي الصغار تشردوا بين الأزقة‏..‏
يبحثون عن الطعام
من لم يمت بالجوع منهم‏..‏
مات في بؤس الفطام
وتسير كالطاووس‏..‏ والسفهاء حولك
يلعقون حذاءك المعجون
من نبض الجماجم والعظام
وأراك تحكي عن زمان الأمن‏..‏
ترسم صورة الأمل المحلق
بين رايات السلام‏!‏
هذا سلام اللهو والعبث الرخيص وسكرة الأوهام
هذا سلام الراقصين علي طبول القهر‏..‏
والصبح المكبل بالظلام
هذا سلام العاجزين السابحين‏..‏
علي شراع من حطام
هذا سلام الرقص في صخب الملاهي‏..‏
والليالي السود‏..‏ والمال الحرام
هذا سلام السارقين الراكعين‏..‏
المنتشين بخمرة الحكام
مازلت يامولاي تطرب من أهازيج السلام
‏<<<‏
مولاي‏..‏
مازال يرتع في بلاطك كل يوم‏..‏
ألف دجال مغامر
وأمام عينك يذبح الشعب الحزين‏..‏
وأنت تسكرك المباخر
وأمام عرشك يسقط التاريخ
تصرخ أمنيات العمر‏..‏ تنتحر المآثر
ومواكب الطغيان حول العرش‏..‏
خانوا العهد‏..‏ واحترفوا الصغائر
باعوا الأمانة في مزاد الإفك‏..‏
صاروا دمية السلطان‏..‏
والسلطان جائر
رقصوا علي كل الحبال
وتاجروا في الناس‏..‏
واغتصبوا الضمائر
هذا هو الطغيان يعبث في قلوب الناس منتشيا
وفي سفه يجاهر
وأمام بابك يصرخ الأطفال جوعي
هل سمعت الآن أنات الحناجر؟‏!‏
الجوع يا مولاي كافر
أعطاك هذا الشعب يوما‏..‏
كل ما ضيعت من فيض المشاعر
وتركته للسارقين علي بلاطك
بين محتال‏..‏ وأفاق‏..‏ وغادر
قد كان لي قلب صغير‏..‏
ضاع مني ذات يوم‏..‏
وانزوي في الأفق كالطير المهاجر
كم عشت أطلق كل يوم سرب أشعار يغني‏..‏
كم غزلت ثياب عرس للأزاهر
ورسمت فجرا بين أشباح الظلام‏..‏
ظننت يوما أن للطغيان آخر
حتي رأيت الليل في عينيك يرصدني
ويطلق في دمي سهما
وجرح القهر في الأعماق غائر
أتراك يامولاي تدرك
كيف يقتل في بلاط القهر شاعر ؟‏!!‏
‏<<<‏
ياسيدي الفرعون‏..‏
هل شاهدت أشلاء الرعايا
سخط الوجوه‏..‏ تعاسة الأطفال‏..‏
ذل الفقر‏..‏ حزن الأمهات علي الصبايا
أشباحك السوداء في الطرقات‏..‏
تشطرنا شظايا
ومواكب القهر الطويل‏..‏
تطل بين يديك حزنا‏..‏ أو ضياعا‏..‏ أو خطايا
هذي سنين العمر‏..‏
تسقط بين أيدينا بقايا
ما عدت أعرف والزمان يدور بي
هل ما يراه الناس ضحكي أم بكايا؟‏!‏
الخوف يحفر حول قصرك ألف قبر للضحايا
والنائمون علي بلاطك‏..‏
موكب للقهر‏..‏ عرس للمنايا
‏<<<‏
ياسيدي الفرعون
ماذا سيبقي للشعوب إذا توارت‏..‏
خلف أطلال السنين‏..‏ وكل ما فيها فسد
تبدو الرؤوس علي المدي
قطعا من الشطرنج‏..‏ تلقيها الرياح بلا عدد
سرب من الجرذان يعبث في البلاط‏..‏
ولا يري منهم أحد
وقمامة التاريخ فوق التاج‏..‏
رائحة تفوح‏..‏ ووشم عار للأبد
كل الحدائق في بلادي أجدبت
وترهلت همم الرجال‏..‏
وكل عزم في جوانحهم خمد
عمر تبدد في الظلام‏..‏
ونخوة عرجاء في جسد همد
أنات أطفال‏..‏ صراخ صبية
وبريق عمر في مآقينا جمد
ونحيب عصفور تغرب‏..‏
في سبيل العيش عمرا وابتعد
وحنين شيخ كم تشرد في دروب القهر‏..‏
كم عاني‏..‏ وللأوغاد في هلع سجد
قد ضاق بالوطن البخيل‏..‏
ورغم طول البؤس في جلد صمد
لم يبق غير الموت يرحم وحشة الغرباء
يحضننا التراب‏..‏ يسيل دمع الأرض
يرتاح الجسد
‏<<<‏
ياسيدي الفرعون‏..‏
قبلك ألف فرعون فجر
وأطاح بالدنيا‏..‏ وعربد في البشر
والشعب في صمت صبر
وأراك دمرت الحدائق‏..‏ والمصانع
واستبحت دم الشجر
وأطحت بالأشجار‏..‏ شردت العصافير الجميلة‏..‏
واعتقلت الصبح‏..‏ واغتلت القمر
وتقول إنك أول الرسل العظام‏..‏
وآخر الرسل الكرام‏..‏
وفيك سر الله‏..‏
حين تشاء تعصف كالقدر‏!!‏
‏<<<‏
ياسيدي الفرعون قل لي
كيف أدمنت الفساد
وبأي حق
قد ورثت الحكم في هذي البلاد
وبأي دين‏..‏
قد ملكت الأرض فيها‏..‏ والعباد
مولاي لا تغضب‏..‏
إذا ما جاء دورك في المزاد
ورأيت عرشك بعض ما أكل الحريق
وبعض ما ترك الرماد
ورأيت تاج الملك‏..‏
يهوي فوق رأسك مثل أسراب الجراد
اقرأ حكايا الملك يامولاي‏..‏
تدرك أين أصبح قوم عاد
أتراك تعرف ما الذي خنق الجياد ؟
الجالسون علي الكراسي في عناد
الراكعون أمام أصنام الفساد
البائعون لكل شيء في المزاد
انظر إلي لون الوجوه‏..‏
وكيف غطاها السواد
انظر إلي حزن الأرامل‏..‏
خلف أثواب الحداد
هذي بلاد لم تعد
في ظل بطشك كالبلاد
صغرت بنا الأشياء‏..‏ ضاق الكون
صرنا لا نراه
الناس تهرب في الشوارع‏..‏
والحياة بلا حياه
والنهر يغرق كل يوم في دماه
مرت عليه غرائب الأيام‏..‏
من قهر‏..‏ إلي قهر‏..‏
ومن ذل إلي ذل
وجف النيل من بطش الطغاه
وطن بعرض الكون يبحث عن مداه
وطن بطول الكون يسقط من علاه
يتوكأ المسكين في الآفاق‏..‏
يسأل عن سماه
مازال يصغر في العيون‏..‏ وينحني
حتي تلاشت بين أعيننا خطاه‏..‏
‏<<<‏
مولاي‏..‏ أجهضت الأجنة في البطون
وجئت تبحث عن وريث
كثر الحديث عن الخلافة سيدي
كثر الحديث‏!‏
الشعب خلف جنازة الأحلام‏..‏
يبحث عن مغيث
هذي الرؤوس الراكعات علي حذائك
كل ما فيها خبيث
عهد خبيث‏..‏
عرش خبيث‏..‏
زمن خبيث
فرع تنامي في حقول القهر عمرا‏..‏ وانتشي
بحلاوة المال الخبيث
ودناءة القهر الخبيث
بالرغم من هذا‏..‏ تفتش
بين فئران السفينة عن وريث ؟‏!!‏
‏<<<‏
مولاي‏..‏
قد تصغر الأشياء بين عيوننا
وتتوه كالأيام في بحر الزمن
وتظل تصغر‏..‏ تصبح الأنهار تابوتا
ويغدو ماؤها الفضي
كالبئر العفن
تغدو الوجوه ملامحا رحلت
وطيفا من شجن
تتكسر الأشواق‏..‏ والذكري
وما عشناه فيها من محن
قد يصغر الإنسان‏..‏
حين ينام في حضن التراب‏..‏
ويحتويه الصمت‏..‏ يدفئه الكفن
لكن شيئا في العيون يظل يكبر
كلما صغرت بنا الدنيا‏..‏ نسميه الوطن
ما أصغر الدنيا إذا صغر الوطن
ما أرخص الأشياء إن هان الوطن
تخبو ملامحه‏..‏ ويهدأ صوته
ويصير نبضا خافتا فوق الزمن
ويضيق كالشريان‏..‏ ترتعد الدماء‏..‏
ويحتويها الخوف في قلب وهن
يبدو كطيف في جوانحنا سكن
ونظل نبحث كلما صغرت بنا الأشياء
عن وجه قديم‏..‏ للوطن
‏<<<‏
يا سيدي الفرعون‏..‏
كيف أنام‏..‏ والأبناء في قلبي جياع؟‏!‏
كيف السبيل إليك والشكوي ضياع؟‏!‏
حاولت يوما أن أشق البحر‏..‏ أن ألقاك‏..‏
ثار الموج‏..‏ والتهم الشراع
شاهدت طلعتك البهية‏..‏
والجنود يطاردون الناس حولك‏..‏
كان يفصلنا ذراع
وهوت علي رأسي الأيادي السود تصفعني
وتعوي فوق أشلائي الضباع
الشمس غامت في عيوني‏..‏
والمدي حولي زئير‏..‏ أو صراخ‏..‏ أو قناع
أسلمت نفسي للطريق‏..‏ ولم أزل أجري‏..‏
يطاردني قناع‏..‏ ثم يصفعني قناع
أدركت يا مولاي‏..‏ كيف يموت طفل‏..‏
لم يزر عينيه ضوء‏..‏ أو يصافحها شعاع
أدركت كيف يضيع عمر المرء‏.‏
في وهم طويل‏..‏ أو خداع
اسأل رجالك إن أردت‏..‏
عن الرحيل بلا وداع
فالناس تهرب في الشوارع‏..‏
كلما ظهر القناع
عينان غائرتان كالبحر السحيق‏..‏
رفات وجه جامد‏..‏
ويدان جاحظتان خلفهما ذراع
وعلي المدي سجن بعرض الكون‏..‏
أسنان بلون الليل‏..‏ يخفيها القناع
الأرض يا مولاي يسكنها قناع
كانت لنا وطنا كصدر الأم يحتضن الجميع
في الأمن في الماء المقطر من عيون الصبح‏..‏
في دفء الربيع
لا فرق يا مولاي في أرحامنا
يوما أتينا من ظلام دامس‏..‏
من عاش في قصر منيف‏..‏
من تسلل في القطيع
لا فرق في أنسابنا
لا فرق بين خميلة رضعت ضياء الشمس
أو أخري يحاصرها الصقيع
لكن مولاي المعظم‏..‏
لا يميل إلي الخيول
ويحب أصوات الحناجر‏..‏ والمباخر‏..‏ والطبول
لم تكره الأشجار يا مولاي ؟‏!‏
هل في النخل عيب أو رذيلة؟‏!‏
الناس تفرح كلما ارتفعت وراء الأفق
نخلات جميلة
حتي العصافير الجميلة هاجرت
خلف الأماني‏..‏ والأغاني المستحيلة
غنت لنا زمنا‏..‏ وقد كبلتها
في ساحة الطغيان مرغمة ذليلة
غزت الخفافيش الكئيبة أرضنا
وغدت خطي الفرسان مثقلة هزيلة
لا خير في وطن يبيع خيوله
كي يشتري بالعار أحزان القبيلة
‏<<<‏
هذا هو النسيان يا مولاي يطردنا من التاريخ
والأمس الحزين الآن يصرخ حولنا
لا شيء يبدو في الظلام أمامنا
هذي خيول الأمس تركض بالبطون‏..‏
صهيلها المهزوم‏..‏ يبكيها‏..‏ ويبكي حالنا
غيرت خارطة الزمان‏..‏
بنيت أشباحا علي الطرقات‏..‏
تشبهنا‏..‏ وتحمل اسمنا
مولاي أخطأنا كثيرا في الحساب‏..‏
فقد نسينا ما عليك‏..‏ وكم نسينا ما لنا
أجهضت آخر ما تبقي من ليالي الحلم
من زمن البراءة بيننا
لكنه زمن الخضوع‏..‏ وسطوة الطغيان‏..‏
والجلاد يرتع خلفنا
فلكم حلمنا أن نري
وطنا عزيزا آمنا
ولكم حلمنا أن نري
شعبا نقيا‏..‏ مؤمنا
وطنا ترهل خلف قافلة الزمان‏..‏
يسير مكتئبا حزينا‏..‏ واهنا
يا أيها الفرعون‏..‏ فارحل عن مدينتنا
كفاك الآن طغيانا وظلما بينا
افتح لنا الأبواب‏..‏
واتركنا لحال سبيلنا
أتري تصدق أن يكون الخوف حصنا آمنا؟‏!‏
أتري تصدق أن يصير الحلم يوما مدفنا؟
ما عدت أملك غير فقري مسكنا
ما عدت أعرف غير حزني موطنا
فلقد نسيت طوال عهدك من أنا
ارحل وخلفك لعنة التاريخ‏..‏
أما نحن‏..‏
فاتركنا لحال سبيلنا‏..‏
نبني الذي ضيعت من أمجادنا
نحي الذي ضيعت من أعمارنا
دعنا نفتش في خريف العمر‏..‏
عن وطن عريق‏..‏ كان يوما للكرامة موطنا‏..‏
الناس تصرخ في الشوارع‏..‏ أرضنا أولي بنا
والأرض قد عادت لنا
الأرض قد عادت لنا

الجمعة، 11 فبراير 2011

وطني يتنفس الحرية

ثمن الرصاصة يشتري خبزاً لنا

إلي شهداء ثورة25 يناير
 
فاروق جويدة

وحدي أنام علي ترابك

كفني عيني

بضوء من رحيق الفجر

من سعف النخيل

فلكم ظمئت علي ضفافك

رغم أن النيل يجري

في ربوعك ألف ميل

ولكم حملت الناي

في حضن الغروب..

ودندنت أوتار قلبـي

رغم أن العمر منكسر ذليل

لا تعجبي

إن صار وجه الشـمس

خفاشـا بعرض الكون

أو صارت دماء الصبح

أنهارا تسيل

فزماننا زمن بخيل

لا تسألي القنـاص عن عيني..

ولا قلـبي.. ولا الوجه النحيل

ولتنظري في الأفق

إن النهر يبكي

والخيول السمر

عاندها الصهيل

لا تسأليني

عن شباب ضاع منـي

واسألي القنـاص..

كيف شدوت أغنية الرحيل ؟

إني تعلمت الحنان علي يديك..

وعشت أحمل وردة بيضاء

كالعمر الجميل

الناي أصبح في الضلوع رصاصة

والوردة البيضاء..

في عيني قتيل

مدي يديـك إلي.. إنـي خائف

ولترحمي ضعفي

جنوني..

وارحمي الجسد الهزيل

*************

وجهي ينام علي ترابك كفنيه

لا تتركيه لنشوة القناص..

حين يطارد العصفـور في سفه.. وتيه

لا تتركي الابن القتيل..

يموت موجوعا بنشوة قاتليه

ولترحمي وجهي

فكم صلي علي أعتابك

جناتـك الخضراء تلفظه

وينكره ترابك

لا تنـكريه فإن هذا الوجه

يحمل لون طينك..

حينما كانت خيول المجد

تركض في رحابك

لا تتركي عيني لشمس الصيف تأكلـها

فكم حملت بشائر أمنياتك

ولتستري جسدي

فكم نبتت علي أعشابه الخضراء

أحـلي أغنياتك

لا تتركيني في العراء

أصارع الغربان وحدي..

بعدما أكلوا رفاتك

************

إني حلمت ككل أطفال المدينة..

في ليالي العيد

وحلمت باللعب الصغيرة.. والحذاء..

وقطعة الحلوي

وبالثوب الجديد

وحلمت يوما..

أن أكون الفارس المغوار

يغرس في ربوعك

كل أحلام الوليد

زمن سعيد

وطن مجيد

أمل عنيد

لكنني أصبحت في عينيك..

كالطـير الشـريد

يساقط الزغب الصغير علي التراب

جناحي المكسور

ترصده البنادق من بعيد

لم تسألي العصفور

كيف يموت في فمه الغناء ؟

لم تسأليني كيف أهجر ثدي أمي

ثم تغرقني الدماء ؟

لم تسأليني

ما الذي جعل العصافير الصغيرة..

تكره الأشجار تأوي للعراء ؟

الجوع.. والحرمان.. والأمل اللقيط..

صقيع أيامي.. وأحزان الشتاء

فأنا غريب فيك..

لا أمل لديك.. ولا رجاء

الآن صدرك في عيوني

أضيق الأشياء

الآن وجهك في عيوني

أصغر الأشياء

الآن قلبك عن عيوني

أبعد الأشياء

حتـى الدعاء نسيته

حتى الدعاء



*****************

يا أيـها القناص

ثمن الرصاصة يشتري خبزا لنـا

وشبابنا قد سال نهرا من دماء بيننـا

لم لا يكون سياج أمن حولنا

هذا الوطن ؟

لم لا تكون ثماره ملكـا لنا ؟

لم لا يكون ترابه حقا لنـا ؟

يا أيها القناص.. أنظر نحونـا

ستري بطونـا خاويه

وتري قلوبا واهيه

وتري جراحا داميه

فالأرض ضاقت..

ليس لي فيها سند

والناس حولي

لا أري منهم أحد

حتـي الجسد

قد ضاق بي هذا الجسد

****************

لم تسأليني قبل أن أمضي

لماذا غاب ضوء الشمس عن عيني

وأغرقني ظلامي ؟

لم تسألي جسدا هزيلا مات جوعا

كيف تأكلني عظامي ؟

لم تسأليني

ما الذي جعل الفراشات الجميلة

في جبين الفجر تبدو كالجراد ؟

لم تسأليني

ما الذي جعل الصباح

الأبيض المفتــون يكسوه السواد ؟

لم تسأليني

كيف تنبت في بلاد الطـهر

أزمنة الفساد ؟

لم تسأليني

كيف كان الماء

يجري فوق عيني..

ثم يقتلني العطش؟

لم تسأليني أينا أقـسي

وليد ضاق..

أم أب بطش ؟

لم تسأليني

ما الذي جعل اليمام يصير ثعبانـا..

ويشرب من دمك ؟

لم تسأليني

ما الذي جعل الشـعاع

الأخضر المنساب

يقتل أنجمك ؟

لم تخبرينـي

من إلي سوق النخاسة أسـلمك ؟

مازلت كالمجنـون في حزن أسائل:

هذي الحقول الخضر

كيف تكسرت فيها السنابل ؟

هذي العقول الخضر..

كيف تفجرت فيها القنابل ؟



****************

إنـي أحبـك.. صدقيني

رغم أن الحزن في قلبي

مليك ظالم

فالسجن بيتي..

والأسي سلطاني

كم نمت واليأس العنيد يهزني

فإذا صحوت أراه في أجفاني

كم همت في صمت الشـوارع

أسأل القطط اللقيطة..

عن بقايا الخـبز.. عن عنـواني

كم طفت فوق موائد الطرقات

تلفظني الشوارع مرة..

ويعود يلقيني طريق ثان

لم تسأليني مرة..

من يا تري أبكاني ؟

لم تسأليني كيف أصبح

حزن هذا الكون من أحزاني

لم تسألي الوطن الجميل وقد نمت

في وجهه الأحقاد كيف رماني ؟

حقـي عليه رغيف خبز آمن

وكرامة الإنسان للإنسان

عبثت بنا أيدي الزمان.. وأظلمت

فينا القلوب.. وليلها أعماني

عمر لقيط.. وارتعاشة عاجز

وأنين بطن.. وانكسار أماني

تلك الرؤوس تهيم في أوكارها

ويصيدنا القناص كالفئران

فأنا شهيدك رغم أنـي عاشق

ودمي حرام.. واسألي سجاني

قد جئت يا أمي

لأطلب ثوب عرسي

من يديك بفرحتـي

أعطيتني.. أكـفـاني

السبت، 5 فبراير 2011

وطني ينتعش


فاروق جويدة

ارحل

ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك

ارحل وحزبك في يديك

ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك

ارحل فإني ما أرى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك

لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك

لا تنتظر أمّا تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك

لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك

ارحل وحزبك في يديك

ارحل بحزب امتطى الشعب العظيم

وعتى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك

ارحل وفشلك في يديك

ارحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك

فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك

مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك

كم من شباب عاطل أو غارق في بحر فقر وهو يلعن والديك

كم من نساء عذبت بوحيدها أو زوجها تدعو عليك

ارحل وابنك في يديك

إرحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح

لا تعتقد وطنا تورثه لذاك الابن يقبل أو يبيح

البشر ضاقت من وجودك.. هل لابنك تستريح؟

هذي نهايتك الحزينة هل بقى شيء لديك؟

ارحل وعارك أي عارْ

مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ

ولمن يكونُ الاعتذارْ؟

للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ.. للموتى..

وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!

ولمن يكونُ الاعتذارْ؟

لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ

للشواطئِ.. للقفارْ؟!

لعيونِ طفلٍ

مات في عينيه ضوءُ الصبحِ

واختنقَ النهارْ؟!

لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا

فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار

لمواكبِ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!

لمن يكون الاعتذار؟

**

ارحل وعارك في يديكْ

لا شيء يبكي في رحيلك..

رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ

لا شيء يبدو في وجودك نافعا

فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..

ما لي أرى الأشجار صامتةً

وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها

واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..

ما لي أرى الأنفاسَ خافتةً

ووجهَ الصبح مكتئبا

وأحلاما بلون الموتِ

تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ

ماذا تركتَ الآن في أرض الكنانة من دليل؟

غير دمع في مآقي الناس يأبى أن يسيلْ

صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..

بؤسُ أطفالٍ صغارٍ

أمهات في الثرى الدامي

صراخٌ.. أو عويلْ..

طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ

عن بيتٍ توارى

يسأل الأطلالَ في فزعٍ

ولا يجدُ الدليلْ

سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ

هل تُرى شاهدتَ يوما..

غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!

الآن ترحلُ عن ثرى الوادي

تحمل عارك المسكونَ

بالحزب المزيفِ

حلمَكَ الواهي الهزيلْ..

***

ارحلْ وعارُكَ في يديكْ

هذي سفينَتك الكئيبةُ

في سوادِ الليل تبحر في الضياع

لا أمانَ.. ولا شراعْ

تمضي وحيدا في خريف العمرِ

لا عرش لديكَ.. ولا متاعْ

لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ

لا سندا.. ولا أتباعْ

كلُّ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ

وأنت تنتظرُ النهايةَ..

بعد أن سقط القناعْ