كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الأحد، 14 أغسطس 2011

ذاك الطفل العجوز


حسبته في البداية طفلاً مجنوناً ، حرمته الدنيا من مكر الرجال واهتدي الي طفولته ليصوغ منها ملامح شاب يمتلك مظهر الرجال في هيبته ووقاره ، دون ان يتخلي عن نقاء هذا الطفل بداخله ، كم تمنيت أن يحتفظ بتلك الملامح الشفافة التي لم يلوثها تراب الزمن بعد ، وما هي اكثر الامنيات التي تنسجها خيالاتنا الساذجة التي لا ترتقي حتي الي مصاف الاحلام ، ليتنا جميعا نبقي علي هذا الطفل بداخلنا ، هذا الملاك الرباني الذي تغتاله الحياة كلما إنغمست أقدامنا بها أكثر وأكثر ، هل هو دستور الحياة ؟! يولد الانسان ببراءة الملائكة ! ويعيش بخطايا الانسان ! ويموت بذنوب الشيطان ! .
لن أعطيه إسماً هذه المرة ليس جبناً أو تردداً في مواجهته لكن دلائل الاسماء تحشرنا في خانة ضيقة قد لا نحيد عنها ، الاسماء تعني أصحابها ، والصفات تعني الأخرين ، اذا سأسميه بما أصفه ، بما أحبه وأكرهه فيه ، "ذاك الطفل العجوز" الذي إستيقظ من غفوته أو هكذا دوماً تأخذني الأمنيات ، لم يكف عن الصراخ ، عن البحث عن صدر أمه ، وساوس الافكار تأكله يوماً بعد يوم ، وسلاسل الخوف تطوق أحلامه ، أمنياته ، رغباته ، صورتها المنعكسة في مرأة حياته كلما التفت صفعته علي وجهه وهي تحزم قبضتها أكثر وأكثر علي عنقه ، وتتلو عليه اللوح المنغمس بخطايا المطلق ليعود الي صراطه المستقيم ، ويزيد علي كاهله عبء أخر يضاعف من كهولته التي تتزايد في المساء كلما اقترب من ذاته أكثر ، وقد تقل صباحاً إذا أبصر صورة إمرأه أخري مبتسمة طواها لعدة سنوات بين دفاتره خوفاً من إفتضاح أمره أمام طاغيتة ، فالعقاب المنتظر لا يمكن تحمله حتي وان كان الثمن أن يغفو كل ليلة  في أحضان امرأه بلا روح .
" أو قد لا يستيقظ " ، إن أراد شخصاً أن يصحوا من حلم قد يعصف بما تبقي له من امنيات ، ربما ينهض من سريرة ، ربما يستعيذ بمن خلقه ، ربما يحرق غرفته ، أو ربما يهجر النوم لفترة ويستعيد رشاقة أفكاره التي أثقلتها الظنون والشرود وأحيانا الوقوف علي حافة الاختيار ، التي قد تسقط الانسان في بئر عميق من الافكار ، وتضعه بين التمر وجمرة النار ، يبحث وقتها عن أي يد تمتد اليه لتساعدة علي اختيار ما تصبو اليه طموحاته ، لكن علي الصراط لا يشفع للانسان سوي عقله وارادته التي قد يسلبه اياها في الحياة بعض الدخلاء ، عملاء العقل ، عملاء الحياة الميكانيكية ، فإما ان نقتنع باختيار الغير و نستسلم لسلاسل مطرزة بألوان لامعه رقيقة الملمس تبهر العين ، او نتمرد عليها ونقيم إختيار ثالث تفرضة ارادتنا ويظل إختيارنا للابد .
ذاك الطفل العجوز ، شردت عنه قليلاً في حواري ، كم تمنيت ان يتخلص من ثوب العفة المستفذ الذي يتباهي به بين الرجال، كم أصبح لا يليق به .