كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الأحد، 11 ديسمبر 2011

السطر الأول .. تمرد لا أخلاقي



منذ قررت أن أبدأ كتابة أولي رواياتي الطويلة جداً، بدأت أستعيد كلمات الأصدقاء حينما أذعت عليهم نيتي في الكتابة،بدا كل منهم منتشي النفس طافح الحروف أعتلت روحهم سلم الأدب وكأني في حضرة عصر النهضة، تهافتت علي النصائح والتحذيرات،قال احدهم :عليك ان عزمتي محاكاة البطل أن تلبسيه ثوب الفروسية، وحذار أن تجرحي كبريائه،لن يهدأ لك بال ولن يقرأ لك أحد، فالجميع ينتظرون فارسهم خلف كل رواية خيالية.


ونصحتني أخري ان أضع نهاية لروايتي التي لم أكتبها بعد،تري كيف انهي رواية مازالت احداثها مبعثرة وسط ذاكرتي!،لم تعجبني الفكرة،حتي وان جاءت بها من كتب القواعد والاصول المتعارف عليها، أي كاتب عليه أن يسير وفق خطة محددة! ، حتي هذه القواعد تصيبني باختناق،لا اريد نقاط ارتكاز،حرة هي حروفي، لن تركض خلف قاريء إعتاد علي تعقيدات أدبية أو أصول لغوية أو أساليب ونظريات نحوية،تصنع بناء شاهق،كيف لأي كاتب ان يكتب مستقبل شخصياته قبل أن يعيشوا حاضرها.


الكتابة هي الجانب الأخر الموازي لحياة الإنسان، الكتابة هي المساحة الفاصلة بين حياة الإنسان وموته ،هل يمكن أن نقسم أيامنا الي بداية ووسط ونهاية، وأعمارنا هي سلسلة لا منتهية تبدأ بأحلام شاهقة وتنحدر بخيبات بائسة ، هل لأحد أن يذكر لي من أين بدأ و أين توقف والي أين ينتهي؟


لم تكن سذاجة أو جهل بأصول كتابة الروايات، إطلعت علي عدة كتب في قواعد كتابة الرواية وقرأت عشرات الروايات،رغم احترامي للأصول لكنها دائماً تفزعني بنمطيتها، أرغب في الكتابة خارج الأصول وخارج القواعد ، أريد أن أصيد الأفكار وأصيغها علي هيئتها دون تجميل ، مبعثرة وحائرة تبحث وتسأل وتجيب وتخطأ وتغفر وتحب وتقسي، حتي تنهار وحدها علي الورق دون ان أستجوبها.


صديق أخر بدأ يسرد أمامي طقوس معقدة يتبعها عندما يخلد مستسلماً لحاسة الكتابة،!! ، "سافري الي أحد الشواطيء،أو انصهري في الصحراء،" فزعت لهول طقوسة المريضة،حسبما سمعت الكاتب الحر هو من يتخلص من عاداته في الحياة،لا يحتاج لخلوه حتي يبدع،يحتاج فقط أن يعقد قرانه علي أفكاره،ويسكنها بين السطور.


عدتُ للتو من إحتفالية استعراضية بنوايا أدبية ، كانت المنصة تطفح بالحروف التائهة اللهم ما اني التقطت منها عبثاً بعض الثمار التي تساعدني في تحديد موقفي الأدبي، للكاتب كما للعاشق مسقط لأفكاره يسير فيه وأخر لأحلامه  يهرب منه،كانت الجلسة ثرثارة بكل ما يكيل لهم من مشاعر انفجرت في وجه الحاضرين، أكره سماع القصص علي لسان أصحابها،يتفنن الكاتب في ابهارك بصوته الأجش الذي يعلو ليعلن لك ان البطل أصبح علي حافة الهاوية،ويتهاوي صوت أخر يقطع انصاتك واستعدادك للفاجعة التي تنتظرك علي بعد جملتين،فلم يكن سوي انفعال الكاتب بفكرته أمامك، انسحبت من أمام عرش الأدب الذي أعتلاه حفنه من السطور المنثورة في الهواء تبحث لها عن مرقد ، تبحث لها عن تاريخ، تبحث لها عن سمو لم تدركه بعد، لم تصبو كلماتهم الي تمردي علي كل قواعد الكتابة،لم يجدر بهم بعد إجباري علي الانصات لقواعد الحرف.


إنتهي السطر الأول .. والسطور  كُـثر ..


يتبع ..