كلام فارغ , مرحبا بكم

كلام فارغ , مرحبا بكم

الجمعة، 4 مارس 2011

تلصص




معظم النساء قد يُصبن بهذه الوعكة الاستخباراتية خصوصاً عندما تتصارع داخلهن اعراض المخاض العاطفي المجهض الذي يصيبهن في النهاية بحالتين قد يكونا مأساويتين  لولا تصدي نزعات المرأة المضادة لهم , الاولي حالة تجهم يرافقها تنفس عميق استعداداً  لهطول وابل من الدموع تسقي به صحراء عواطفها التي جففتها قسوة الخصم اثناء عملية انهيار المشاعر , والحالة الأخري التي تتصاعد مع مرور الوقت هي انتشار الملل في كل جزء من جسدها , فتختلق عندها ساعات واهية تضاف الي ساعات اليوم الاربع وعشرون وتقلب خزانة افكارها وهي تبحث عن ارقام هاتف الحظ , وتطل بكامل هيئتها وعنادها كي تلقي نظرة علي صندوق القمامة بين حين والاخر , حيث دفنت ذكرياتها , لكن الوقت لم يقُتل بعد , مازال يتضاعف , عندها وقد أيقنا نحن النساء ان الوقت لا يقتل بالسيف ولا باللعنات التي نذرفها عندما تدق ساعة الحائط وتعكر صفو انوثتنا وتطيح بيوم أخر من ايام حياتنا ,عندها نشعل حواس النساء الفريدة التي احيانا يمقتها الرجال , وقد يمجدها العاقل منهم , نبتكر وسائل لايقاف الوقت , او قتله , بما وهبنا الله من اسلحة وذخيرة  تكفي لاحتلال العالم وتطهير أعمار النساء من محرقة الرجال .
التلصص المشروع , من بين ادوات الدفاع التي اكتشفتها حديثاً داخلي , وسوف تكتشفها كل امرأه ذات يوم بين كراكيب اسلحتها , أن لم تكن قد أكتشفتها بعد , اعتقد انها صفة انسانية نسوية موحدة , اما أنها غريزة نولد بها - نحن النساء - أو تورثنا إياها أمهاتنا , التلصص المشروع لاكتساب أكبر قدر متاح من الحذر المشوب بترقب , وقفت لفترة طويلة علي حدود الوقت بين نهاية انتكاسة وبداية هدنة , وبدأت أبحث عن خطة اعادة هيكلة لحواسي المرهقة بطبيعة الحال بعد الخسائر الدامية التي حققتها , بدأ الفضول يحل محل الاهتمام , والعنف ازاح الحنان وكبله الي أجل غير مسمي ,بدات قناعاتي بالتراجع الي الصفوف الخلفية لتحل محلها قناعات اخري كنت ابغضها في الماضي لكنها اثبتت لي مع الوقت , سيادتها وقوة حجتها , التلصص ... قبل كل شيء , التلصص ... قبل أي بداية ... التلصص ... قد يؤجل احياناً خيبات الأمل لكنه لن يمنعها .
اترك المعني العام والتقليدي للتلصص , نحن هنا بمنأي عنه , وان كان تعقب البشر دون علمهم بهدف استخلاص نواياهم او تكوينهم او حتي لرسم صورة قد تكون شفافة الي حد ما , يدرج تحت قائمة التلصص المشروع , مثل الكذب الابيض , او الكذب المبرر , الذي يلفظه البعض – اي الرجال-  خشية من امر ما , و التلصص قد يكون حسن النية احياناً , غير داء الكذب الابيض الذي تسوء نيته وتُسود مفرداته لحظة اكتشافه .
استقي من معني التلصص لفظ المتابعة والاكتشاف , بالتحديد عندما بدات أتعقب صور الاصدقاء واتلمس داخلي بلوغ حاسة قراءة الوجه سن الرشد , حاولت ان اقارن بين اخلاق الصورة والاصل , لم اعرف الكثير من اصحاب الصور , كان بعضهم غريب عن مخيلتي في لحظات الاكتشاف الاولي لما يكمن تحت غطاء اللسان , الصور الصامتة كادت تفيض بمعاني عديدة واربها الحديث الامنقطع بيني وبين الاصدقاء , عرفت معني الصمت الذي تنطق به ملامح كل صورة كنت اقراء فيها معني هذا الصديق او ذاك , بدات بعض الحقائق تتكشف والكثير من الاخلاق تتبدل , بعدما سقطت الاقنعة , واحترفت قراءة ملامح الوجوه داخل برواز الصور المحدد المعالم , كارثة كادت تحل بكل صداقاتي  لولا تنوع الملامح التي لو عرف أصحابها محاولتي التجول داخلهم وتعرية مشاعرهم التي فاض بها الكيل وطفحت الماً وضيقاً ويأساً , ومرحاً ويسراً الخ ... علي وجوهم , لكانوا في نفس اللحظة التي قد يطالعون فيها هذه السطور – ان كان هناك مجنون اخر مثلي يطالع كلامي الفارغ – لكانوا عملولي ديلييييت .
صدقاً لم أكن أعرف أهمية قراءة الصور , ولا قوة تعبيرها التي تعري صاحبها وتصيبه بالشفافية , ولو ادرك الجميع هذه القوة لأخذوا بالتزين وتفصيل قناع جديد يقهر صدق تعبير الصور .